دكتاتور عربي آخر!
قاسم حسين ... كاتب بحريني
Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com
تصغير الخطتكبير الخط
أكتب اليوم عن دكتاتورٍ عربي آخر، هو الرئيس السوداني عمر البشير، الذي وصل إلى الحكم بانقلاب عسكري في مثل هذه الأيام (30 يونيو) من العام 1989، بعد إسقاط الحكومة المنتخبة، ونصّب نفسه رئيساً لمجلس قيادة الثورة.
بعد عشرين عاماً، قرّر فخامته إجراء انتخابات في العام 2010، ليعيد تنصيب نفسه من جديد، ولكن هذه المرة تحت مسرحية الانتخابات التعددية التي لا ينافسه فيها أحد!
سجل الرجل ليس مشرفاً حتى على مستوى الانجازات العامة، فالسودان مازال يعاني من نزيف هجرة الكفاءات، وفي عهده تم تمزيق السودان وفصل ثلث أراضيه ليستقل الجنوب بدولته الخاصة. وتم ذلك ضمن ترتيبات واتفاقيات وقعها البشير بنفسه، وكان يراهن على تغيير قناعات الجنوبيين بالبقاء ضمن دولة موحدة، ولكن حساباته فشلت فشلاً ذريعاً، وكان حريّاً به أن يتنحى ويعتذر للشعب، ولكن الحكام العرب لا يتنحون ولا يعتذرون!
في مقابلة مع المعارض المصري مصطفى البرادعي، قال بأنه كان يلتقي حسني مبارك لسنوات حين يزور مصر، ولكنه في 2007 شعر بأنه خارج العصر، وأن لا أمل في إصلاح نظامه. ما حصل هو أنه تشبّث بالسلطة أكثر، وكان يتقدّم نحو الثمانين، ولم يفكر بالتخلي عن الحكم وإنما رتّب إلى توريث الحكم لابنه جمال!
الأمر نفسه رأيناه في اليمن وليبيا وسورية، حين يتم ترتيب الأوضاع لتوريث سلطات الرؤساء لأبنائهم الأحباء، وفي سورية بسبب الغياب الفجائي لحافظ الأسد، تم استدعاء «مجلس الشعب» لجلسة طارئة من أجل تغيير مادةٍ واحدةٍ بالدستور ليُسمح شكلياً بتنصيب ابن الرئيس بشّار. أما في اليمن فأعلن يوماً أنه لن يترشح للرئاسة مجدداً، لكنه أوعز إلى حزبه بتسيير مظاهرات تطالب ببقائه في الحكم، فخرج مرةً أخرى ليعلن أنه تنازل بالبقاء في الحكم نزولاً عند رغبة الشعب!
هذا السيناريو الفجّ والسخيف جداً، يعيد البشير تقليده مرة أخرى بحذافيره، فقد ألمح قبل أسابيع إلى أنه لن يترشح، فأخذ الطبّالون يمجّدون في هذه الخطوة غير المسبوقة في الكرة الأرضية! ولكن أوعز لجماعته بعمل الواجب، فتحرّك مجلس الشورى لإعلان تحفظه على تنحيه، ورفعوا شعار: «ما لنا غيرك يا بشير»!
الرئيس خرج ليقول إن «حديث الشورى عن مناقشة إعادة ترشيحه لانتخابات الرئاسة المقبلة غير وارد، لأن السلطة عند المؤتمر العام»! وهو ما دعا رئيس المجلس أبو علي مجذوب أبو علي إلى الإصرار على بقاء البشير قائلاً: «نقول للرئيس: لا نقبل بغيرك ولن نوافق لغيرك. ارتضيناك لهذه القيادة ونريدك أن تظل حاملاً لهذا المشعل».
نسأل الله أن يتمكّن البشير الذي سيبلغ العام المقبل سبعين عاماً، من الفوز برئاسة سابعة في انتخابات 2015 التي لن ينافسه فيها أحد!
قاسم حسين
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3947 - الجمعة 28 يونيو 2013م الموافق 19 شعبان 1434هـ
الرئيسية 
