الواقع المصري... الترقب والتشاؤم
الأربعاء 03 يوليو 2013
ربما غاب عنصر المفاجأة تماما من تدخل الجيش في الأزمة المصرية ومرد ذلك قد يعود إلى استشعار كثيرين لدور القوات المسلحة في وقف الاحتقان والتوتر بين التيارات الحزبية والمحافظة على جدار الأمن القومي الذي بات عرضة للانهيار بفعل التناحر الذي جعل منه وسيلة للنيل من الخصوم وضياع المكتسبات التي بات الجيش نفسه ضحية لها.
على أن خطوة الجيش لها ما بعدها فقد يكون التدخل ضرورة ملحة ولكنه قد يعد سابقة خطيرة قد تخصم كثيرا من رصيد الديمقراطية المأمول... فالرئيس (المنتخب) أضحى هدفا تجتمع عليه (مثالب) الديمقراطية والتي في ظني قد تكون في المستقبل إذا ما أفلحت الخطوة دافعا للخروج على كل (منتخب) بدواعي النصاب وحجم التواقيع.
تحتاج الديمقراطية إلى صبر حقيقي يتجاوز واقع الثورة الى اعادة وترتيب الأوضاع والانطلاق بقيم الثورة الى غاياتها... ففي حالة الرئيس المصري اعتقد ان حكما عاما لا ينبغي ان يكون دافعا للحكم على الرجل بالفشل... فقد صبروا على غيره كثيرا في غياب الديمقراطية في الفشل والنجاح وواقع الحال ينبغي ان يصبر على الرئيس الديمقراطي ومن ثم يكون الحكم الصائب على الرجل سواء بالسلب او الإيجاب.
تمسك الشعب المصري بشرعية (السادات) التي كفلها له الدستور فخرجوا لتأييده مباركين خطواته لإعادة الأمور إلى نصابها وكان ما كان وبالرغم من اختلاف الوقائع في كلا الحالتين إلا ان شرعية مرسي ربما تفوق شرعية السادات كونها جاءت عبر الاقتراع الحر والتصويت المباشر ولم تأت عبر الدستور وذلك مكمن الفرق.
التجربة المصرية جديرة بالتأمل والوقوف... فالثورة التي طمح الجميع في وصولها إلى الديمقراطية المنشودة ها هي اليوم توأد ولكن بثورة مضادة للديمقراطية... ولعل المتابع للأحداث ربما تعتروه الحيرة كون أن الثورة التاريخية قد أفرزت واقعا بات الجميع لا يأمن مستقبله وواقعه... فالمفاجآت أضحت تتوالى ما يجعل المسرح السياسي في مصر غير قابل للتنبؤ وربما يكون مبعثا للتوجس والترقب في آن واحد.
عام من الحكم في نظر كثيرين قد تكون فترة غير كافية للحكم على رئيس منتخب وكان الأجدى لتشييد حكم ديمقراطي قام على الثورة ان يكون تجربة فريدة في كل العالم... ولكن الخروج على الحاكم في عامه الأول يفتح باب الاستفهام في ذلك الخروج أهو خروج كيدي ام خروج على الديمقراطية... ففشل سياسات الرئيس وتبرم الشعب من حكم الإخوان وان كان دافعا مقبولا إلا ان المراقبين يتحاكمون الى الديمقراطية وما افرزه واقعها. فإن لم يصبر الشعب على الديمقراطية... فكيف ترى يكون الحال ومستقبل المآل..
وخطوة الجيش وان سرت كثيرين إلا أن الانقلاب الذي بات وشيكا قد يكون خطوة سيندم عليها الشعب المصري كثيرا فهي وان خلقت وضعا جديدا وواقعا مفاجئا. إلا ان الشعب لا يحتمل كثيرا تغلغلها ما يجعل المستقبل خصبا بحدوث مفاجآت. تجعل من واقع الشعب المصري أسيرا – كما قلت - للحذر والتشاؤم الطويل...