تحقيق الاستقرار ليس مستحيلاً
منصور الجمري ... رئيس التحرير
editor [at] alwasatnews.com
نبدأ شهر رمضان المبارك بزيادة ملحوظة في أعمال العنف، وتصدّر ذلك خبر مقتل شرطي وجرح آخرين بجروح خطيرة. وهناك من يطرح بأن القتلى والجرحى لا تختص بطرف دون آخر، ولكن علينا جميعاً أن نواسي جميع الأسر؛ لأن النفس الإنسانية مقدسة، ونؤكد مرة أخرى إدانة أعمال العنف من أي مصدر كانت، ونأمل في تضافر الجهود من أجل مد الجسور وتحريك الحل السياسي الذي يبدو مستعصياً حالياً بسبب عدم الاستثمار الجاد فيه.
الجمود الحالي في العملية السياسية له أنصاره المستفيدون منه، ولاتزال هذه الحالة هي التي تتسيد الساحة، ونرى أنه وعلى الرغم من امتلاء السجون وازدياد الإجراءات الأمنية، وزيادة حدة التهديدات من كل جانب وفي اتجاهات متضادة، وتعميق الممارسات التي تفرق بين أبناء المجتمع الواحد، فإننا نرى أن الضحية الأولى لكل ذلك هو اهتزاز الاستقرار على الرغم من مرور عامين ونصف العام من اندلاع الأحداث. كل هذا يمثل استنزافاً للبلاد، ويلقي المسئولية على عاتق الجميع للمساهمة في تهيئة الأجواء لمصالحة وطنية تتأسس على حل سياسي عادل.
ما يجري في البحرين ليس بعيداً عن ما يجري في دول ليست بعيدة عنا، ومن المهم النظر إلى الأمور بصورة أشمل؛ ذلك لأن الاضطرابات في أي بلد ليست منفصلة عن جوارها القريب أو البعيد. لقد كانت الأنظمة في منطقتنا تُعوِّل حتى وقت قريب على القبضة الأمنية المطلقة للسيطرة على الأوضاع الداخلية، ولكننا نشهد «حالة من التشبع» في إمكانية هذه القدرات، بحيث أن زيادة القمع والإجراءات لا تحقق تلك السيطرة المرجوة.
كانت هناك أيضاً نظرية مكررة لدى الأنظمة المختلفة، وهي إلقاء اللوم بشأن ما يجري في بلدانهم على قوى خارجية، ولكن هذه النظرية تشبعت أيضاً ولم تعد مجدية، ولا تنفع في شيء حتى لو تم إثبات شيء منها. فلو كان الوضع السياسي متماسكاً بصورة عادلة، فلن تتمكن أية قوة مهما كانت خطورتها من اللعب على وتر الخلافات.
وفي الفترة الأخير اكتشفت الأجهزة الضاربة بأن من أسهل الوسائل للسيطرة والنفوذ تلك التي تتعلق بتقسيم المجتمع مذهبياً وطائفياً ودينياً وقبلياً وإثنياً. ونحن ربما نمر حالياً في أحلك تلك الفترة على مستوى المنطقة، وما نراه أن الدخول في هذا المسلك المشين سهل جداً، ولكن يصعب الخروج منه بانتصار «مؤزر».
إن السبيل لتحقيق الأمن والاستقرار ليس مستحيلًا، وهذا يتطلب اعتماد ثقافة الحوار الحقيقي والجاد، والمشاركة في القرار، والمساواة والعدالة، والتعايش والتسامح، واحترام النفس البشرية.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3957 - الإثنين 08 يوليو 2013م الموافق 29 شعبان 1434هـ