فقهاء تحت ظل السماء ، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود .
22 - ك : ابن المغيرة بإسناده ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : ( إن ) الاسلام بدا غريبا وسيعود غريبا كما بدا ، فطوبى للغرباء ( 1 ) .
نى : ابن عقدة ، عن محمد بن المفضل بن إبراهيم ، عن محمد بن عبدالله بن زرارة عن سعد بن عمر الجلاب ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام مثله ( 2 ) 23 - ك : المظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن جعفر بن أحمد ، عن العمر كي ، عن ابن فضال ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إن الاسلام بدا غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء ( 3 ) .
بيان : قال الجزري فيه إن الاسلام بدا غريبا وسيعود كما بدا فطوبى للغرباء أي إنه كان في أول أمره كالغريب الوحيد الذي لا أهل له عنده لقلة " المسلمين يومئذ وسيعود غريبا كما كان أي يقل المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغرباء فطوبي للغرباء أي الجنة لاولئك المسلمين الذين كانوا في أول الاسلام ، ويكونون في آخره ، وإنما خصهم بها لصبر هم على أذى الكفار أولا وآخرا ولزومهم دين الاسلام .
24 - ك : ابن عصام ، عن الكليني ، عن القاسم بن العلا ، عن إسماعيل بن علي القزويني ( 4 ) عن علي بن إسماعيل ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : القائم منصور بالرعب مؤيد بالنصر ، تطوى له الارض وتظهر له الكنوز ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر الله عزوجل به دينه ولو كره المشركون .
فلا يبقي في الارض خراب إلا عمر ، وينزل روح الله عيسى بن مريم عليهما السلام
___________________________________________________________
ص 191 ) ( 1 ) و ( 3 ) المصدر ج 1 ص 308 .
( 2 ) المصدر ص 174 .
( 4 ) في المصدر ج 1 ص 447 : اسماعيل بن على الفزارى .
فتحرر .
*
[192]
فيصلي خلفه ، فقلت له يا ابن رسول الله متى يخرج قائمكم ؟ قال : إذا تشبه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء وركب ذوات الفروج السروج ، وقبلت شهادات الزور ، وردت شهادات العدل واستخف الناس بالدماء ، وارتكاب الزناء ، وأكل الربا ، واتقي الاشرار مخافة ألسنتهم ، وخرج السفياني من الشام واليماني من اليمن ، وخسف بالبيداء ، وقتل غلام من آل محمد صلى الله عليه واله بين الركن والمقام اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية وجاءت صيحة من السماء بأن الحق فيه ، وفي شيعته ، فعند ذلك خروج قائمنا .
فاذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة ، واجتمع إليه ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا وأول ما ينطق به هذه الآية " بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين " ثم يقول : أنا بقية الله في أرضه فاذا اجتمع إليه العقد ، وهو عشرة آلاف رجل خرج فلا يبقى في الارض معبود دون الله عزو جل ، من صنم وغيره إلا وقعت فيه نار فاحترق ، وذلك بعد غيبة طويلة ، ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به .
25 - سن : محمد بن علي ، عن المفضل بن صالح الاسدي ، عن محمد بن مروان .
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهوديا قيل : يا رسول الله وإن شهد الشهادتين ؟ قال : نعم إنما احتجب بهاتين الكلمتين عند سفك دمه أو يؤدي الجزية وهو صاغر ثم قال : من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهوديا قيل : وكيف يا رسول الله ؟ قال : إن أدرك الدجال آمن به ( 1 ) .
أقول : قد أوردنا في باب نص الصادق على القائم أنه عليه السلام يقتل الدجال ( 2 )
-بحار الانوار مجلد: 48 من ص 192 سطر 19 الى ص 200 سطر 18 26 - ك : الطالقاني ، عن الجلودي ، عن الحسين بن معاذ ، عن قيس بن حفص ، عن يونس بن أرقم ، عن أبي سيار الشيباني ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة قال : خطبنا علي بن أبي طالب عليه السلام فحمدالله وأثنى عليه ، ثم قال : سلوني أيها الناس قبل أن تفقدوني - ثلاثا - فقام إليه صعصعة بن صوحان ، فقال :
___________________________________________________________
ص 192 ) ( 1 ) تراه في المحاسن ص 90 .
سواء ( 2 ) راجع ج 51 ص 144 الرقم 8 .
*
[193]
يا أميرالمؤمنين متى يخرج الدجال ؟ فقال له علي عليه السلام : اقعد فقد سمع الله كلامك وعلم ما أردت ، والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل ، ولكن لذلك علامات وهيئات يتبع بعضها بعضا كحذو النعل بالنعل وإن شئت أنبأتك بها قال : نعم يا أميرالمؤمنين .
فقال عليه السلام : احفظ فان علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة ، وأضاعوا الامانة واستحلوا الكذب ، وأكلوا الربا ، وأخذوا الرشا ، وشيدوا البنيان ، وباعوا الدين بالدنيا ، واستعملوا السفهاء ، وشاوروا النساء ، وقطعوا الارحام ، واتبعوا الاهواء ، واستخفوا بالدماء .
وكان الحلم ضعفا ، والظلم فخرا ، وكانت الامراء فجرة ، والوزراء ظلمة والعرفاء خونة ، والقراء فسقة ، وظهرت شهادات الزور ، واستعلن الفجور ، وقول البهتان ، والاثم والطغيان .
وحليت المصاحف ، وزخرفت المساجد ، وطولت المنار ، واكرم الاشرار وازدحمت الصفوف ، واختلفت الاهواء ، ونقضت العقود ، واقترب الموعود وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصا على الدنيا ، وعلت أصوات الفساق واستمع منهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، واتقي الفاجر مخافة شره ، وصدق الكاذب واؤتمن الخائن ، واتخذت القيان والمعازف ، ولعن آخرهذه الامة أولها ، وركب ذوات الفروج السروج .
وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء ، وشهد شاهد من غير أن يستشهد وشهد الآخر قضاء لذمام بغير حق عرفه ، وتفقه لغير الدين ، وآثروا عمل الدنيا على الآخرة ، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب ، وقلوبهم أنتن من الجيف ، وأمر من الصبر ، فعند ذلك الوحا الوحا ، العجل العجل ، خير المساكن يومئذ بيت المقدس بيأتين على الناس زمان يتمنى أحدهم أنه من سكانه .
فقام إليه الاصبغ بن نباتة فقال : يا أميرالمؤمنين من الدجال ؟ فقال : ألا إن الدجال صائد بن الصيد ( 1 ) فالشقي من صدقه ، والسعيد من كذبه ، يخرج
___________________________________________________________
ص 193 ) ( 1 ) في المصدر المطبوع ج 2 ص 207 : صائد بن الصائد .
ولعل الصحيح " صائد *
[194]
من بلده يقال لها إصبهان من قرية تعرف باليهودية ، عينه اليمنى ممسوحة والاخرى في جبهته ، تضيئ كأنها كوكب الصبح ، فيها علقة كأنها ممزوجة بالدم ، بن عينيه مكتوب " كافر " يقرأه كل كاتب وامي .
يخوض البحار ، وتسبر معه الشمس ، بين يديه جبل من دخان ، وخلفه جبل أبيض يرى الناس أنه طعام ، يخرج في قحط شديد ، تحته حمار أقمر ( 1 ) خطوة حماره ميل ، تطوى له الارض منهلا منهلا ولا يمر بماء إلا يوم القيامة .
ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين ، من الجن والانس والشياطين يقوم : إلي أوليائي أنا الذي خلق فسوى ، وقد رفهدى ، أنا ربكم الاعلى .
وكذب عدو الله إنه الاعور يطعم الطعام ، ويمشي في الاسواق ، وإن ربكم عزوجل ليس بأعور ، ولا يطعم ولا يمشي ولا يزول ( تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ) .
ألا وإن أكثر أشياعه يومئذ أولاد الزنا وأصحاب الطيالسة الخضر ، يقتله الله عزوجل بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق لثلاث ساعات من يوم الجمعة ، على يدي من يصلي المسيح عيسى بن مريم خلفه .
ألا إن بعد ذلك الطامة الكبرى ، قلنا : وما ذلك يا أميرالمؤمنين ؟ قال : خروج دابة من الارض ، من عند الصفا ، معها خاتم سليمان ، وعصى موسى ، تضع الخاتم على وجه كل مؤمن ، فيطبع فيه " هذا مؤمن حقا " وتضعه على وجه كل كافر فيكتب فيه " هذا كافر حقا " حتى أن المؤمن لينادي : الويل لك يا كافرو إن الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن ! وددت أني اليوم مثلك فأفوز فوزا ثم ترفع الدابة رأسها ، فيراها من بين الخافقين باذن الله عزو جل ، بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة فلا توبة تقبل ، ولا عمل يرفع " ولا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " .
___________________________________________________________
ص 194 ) أو ابن الصائد " فان الرجل غير منسوب .
قال الفيروز آبادى ، " وابن صائد أو صياد الذى كان يظن انه الدجال " .
( 1 ) في المصدر : " حمار أبيض " وكلاهما بمعنى .
*
[195]
ثم قال عليه السلام : لا تسألوني عما يكون بعد ذلك فانه عهد إلي حبيبي عليه السلام أن لا اخبربه غير عترتي .
فقال النزال بن سبرة لصعصعة : ما عنى أميرالمؤمنين بهذا القول ؟ فقال صعصعة : يا ابن سبرة إن الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم هوالثاني عشر من العترة ، التاسع من ولد الحسين بن علي ، وهو الشمس الطالعة من مغربها ، يظهر عند الركن والمقام يطهر الارض ، ويضع ميزان العدل فلا يظلم أحد أحدا فأخبر أميرالمؤمنين عليه السلام أن حبيبه رسول الله صلى الله عليه واله عهد إليه ألا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الائمة ( صلوات الله عليهم أجمعين ) .
ك : محمد بن عمرو بن عثمان العقيلي ، عن محمد بن جعفر بن المظفر وعبدالله ابن محمد بن عبدالرحمان ، وعبدالله بن محمد بن موسى جميعا ، ومحمد بن عبدالله بن صبيح ( 1 ) جميعا ، عن أحمد بن المثنى الموصلي ، عن عبدالاعلى ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه واله مثله سواء .
توضيح : قال الجزري " العرفاء " جمع عريف ، وهو القيم بامور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي امور هم ويتعرف الامير منه أحوالهم ، فعيل بمعنى فاعل " والزعيم " سيد الفوم ورئيسهم أو المتكلم عنهم و " القنية " الامة المغنية و " المعازف " الملاهي كالعود والطنبور و " الذمام " بالكسر الحق والحرمة .
وقال الفيروز آبادي : القمرة بالضم لون إلى الخضرة ، أو بياض فيه كدرة حمار أقمر وأتان قمراء ، قوله لعنه الله " إلي أوليائي " أي أسرعوا إلي يا أوليائي .
وفسر السيوطي وغيره الطيلسان بأنه شبه الاردية يوضع على الرأس والكتفين والظهر ، وقال ابن الاثير في شرح مسند الشافعي : الطيلسان يكون على الرأس والاكتاف وقال الفيروز آبادي : الافيق قرية بين حوران والغور ، ومنه عقبة أفيق .
27 - ك : محمد بن عمر بن عثمان بهذا الاسناد عن مشايخه ، عن أبي يعلى الموصلي
___________________________________________________________
ص 195 ) ( 1 ) في المصدر ج 2 ص 208 محمد بن عبدالله وضيع الجوهرى فتحرر .
*
[196]
عن عبدالاعلى بن حماد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : إن رسول الله صلى الله عليه واله صلى ذات يوم بأصحابه الفجر ، ثم قام مع أصحابه حتى أتى باب دار بالمدينة فطرق الباب فخرجت إليه امرأة فقالت : ما تريد ياأباالقاسم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله : يا ام عبدالله استأذني لي على عبدالله ، فقالت : يا أبا القاسم ! وما تصنع بعبدالله ، فوالله إنه لمجهود في عقله ، يحدث في ثوبه ، وإنه ليراودني على الامر العظيم .
قال : اساأذني لي عليه ، فقالت : أعلى ذمتك ؟ قال : نعم ، قال : ادخل ، فدخل فاذا هو في قطيفة يهينم فيها فقالت امه : اسكت واجلس هذا محمد قد أتاك ، فسكت وجلس فقال للنبي صلى الله عليه واله : مالها لعنها الله لو تركتني لاخبرتكم أهو هو ؟ ثم قال له النبي صلى الله عليه واله ماترى ؟ قال : أرى حقا وباطلا وأرى عرشا على الماء فقال : اشهد أن لا اله الا الله وأني رسول الله ! فقال : بل تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فما جعلت الله بذلك أحق مني .
فلما كان في اليوم الثاني صلى عليه السلام بأصحابه الفجر ، ثم نهض فنهضوا معه حتى طرق الباب فقالت امه : ادخل فدخل فاذا هو في نخلة يغرد فيها فقالت له امه اسكت وانزل ، هذا محمد قد أتاك ، فسكت فقال للنبي صلى الله عليه واله : مالهالعنها الله لو تركتني لاخبرتكم أهو هو ؟ فلما كان في اليوم الثالث صلى عليه السلام بأصحابه الفجر ، ثم نهض فنهضوا معه حتى أتى ذلك المكان ، فاذا هو في غنم ينعق بها ، فقالت امه : اسكت واجلس هذا محمد قد أتاك وقد كانت نزلت في ذلك اليوم آيات من سورة الدخان فقرأهابهم النبي صلى الله عليه واله في صلاة الغداة ثم قال : اشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فقال : بل تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وما جعلك الله بذلك أحق مني .
فقال النبي صلى الله عليه واله : إني قد خبأت لك خباء ، فقال : الدخ الدخ ( 1 ) فقال
___________________________________________________________
ص 196 ) ( 1 ) في مشكاة المصابيح ص 478 وسنن أبى داود ج 2 ص 434 : قال رسول الله صلى الله عليه وآله انى خبأت لك خبيئا - وخبأله : " يوم تأتى السماء بدخان مبين " - فقال *
[197]
النبي صلى الله عليه واله : اخسأ فانك لن تعدو أجلك ، ولن تبلغ أملك ، ولن تنال إلا ما قدر لك .
ثم قال لاصحابه : أيهاالناس ! ما بعث الله نبيا إلا وقد أنذر قومه الدجال وإن الله عزوجل قد أخره إلى يومكم هذا ، فمهما تشابه عليكم من أمره فان ربكم ليس بأعور ، إنه يخرج على حمار عرض ما بين اذنيه ميل ، يخرج ومعه جنة ونار ، وجبل من خبز ونهر من ماء ، أكثر أتباعه اليهود والنساء والاعراب يدخل آفاق الارض كلها إلا مكة ولا بتيها ، والمدينة ولا بتيها ( 1 ) .
بيان : قولها " إنه لمجهود في عقله " أي أصاب عقله جهد البلاء فهو مخبط يقال جهد المرض فلانا هزله ، وكأن مراودته إياها كان لاظهار دعوى الالوهية أو النبوة ولذا كانت تأبى عن أن يراه النبي صلى الله عليه واله " والهينمة " الصوت الخفي وفي أخبار العامة ( 2 ) " يهمهم " قوله " أهوهو " أي اما تقولون بالوهية إله أم لا .
( 3 ) أقول : روى الحسين بن مسعود الفراء في شرح السنة بإسناده ، عن أبي سعيد الخدري أن في هذه القصة قال له رسول الله صلى الله عليه واله : ما ترى ؟ قال : أرى عرشا على الماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : ترى عرش ابليس على البحر فقال : ما ترى ؟ قال : أرى صادقين وكاذبا أو كاذبين وصادقا فقال رسول الله صلى الله عليه واله : لبس عليه دعوه .
ويقال : غرد الطائر كفرح وغرد تغريدا وأغرد وتغرد ، رفع صوته وطرب به ، قوله : " قد خبأت لك خباء " أي أضمرت لك شيئا أخبرني به ، قال
___________________________________________________________
ص 197 ) هو الدخ ، والدخ بالضم والفتح : الدخان ونقل الشرتونى في ذيل اقرب الموارد عن التاج أنه فسر الدخ بنبت يكون في البساتين وقال وبه فسر حديث ابن الصياد وفسره الحاكم بالجماع ، ووهموه .
( 1 ) راجع المصدر ص 209 .
( 2 ) كما في المصدر المطبوع ( ط - الاسلامية ) ج 2 ص 209 .
( 3 ) لم نعرف له معنى محصلا .
*
[198]
الجزري : فيه أنه قال لا بن صياد خبأت لك خبيئا قال : هو الدخ .
بضم الدال وفتحها الدخان ، قال : " عند رواق البيت يغشى الدخان " وفسر الحديث أنه أراد بذلك يوم تأتي السماء بدخان مبين .
وقيل : إن الدجال يقتله عيسى بجبل الدخان ، فيحتمل أن يكون المراد تعريضا بقتله لان ابن الصياد كان يظن أنه الدجال .
قوله صلى الله عليه واله " اخسا " يقال : خسأت الكلب أي طردته وأبعدته قوله " فانك لن تعدو أجلك " قال في شرح السنة - : قال الخطابي يحتمل وجهين أحد هما أنه لا يبلغ قدره أن يطالع الغيب من قبل الوحي الذي يوحى به إلى الانبياء ، ولا من قبل الالهام الذي يلقى في روع الاولياء ( 1 ) وإنما كان الذي جرى على لسانه شيئا ألقاه الشيطان حين سمع النبي صلى الله عليه واله يراجع به أصحابه قبل دخوله النخل .
والاخر أنك لن تسبق قدر الله وفي أمرك .
وقال أبوسليمان : والذي عندي أن هذه القصة إنما جرت أيام مهادنة رسول الله صلى الله عليه واله اليهود وحلفاءهم وكان ابن الصياد منهم أو دخيلا في جملتهم ( 2 ) وكان يبلغ رسول الله صلى الله عليه واله خبره وما يدعيه من الكهانة ، فامتحنه بذلك ، فلما
___________________________________________________________
ص 198 ) ( 1 ) الروع : القلب .
ومنه قوله صلى الله عليه وآله " ان روح القدس نفث في روعى ان نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب " .
وفي الاصل المطبوع " روح الاولياء " وله وجه .
( 2 ) وقيل : كان حاله في صغره حال الكهان يصدق مرة ويكذب مرارا ، ثم أسلم لما كبر ، فظهرت منه علامات من الحج والجهاد مع المسلمين ، ثم ظهرت منه أحوال وسمعت منه أقوال تشعر بانه الدجال .
وقيل انه تاب ومات بالمدينة وقيل بل فقد يوم الحرة ، والظاهر من قصة تميم الدارى انه ليس هو الدجال .
*
[199]
كلمه علم أنه مبطل ، وأنه من جملة السحرة أوالكهنة أو ممن يأتيه رئي الجن ( 1 ) أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعض ما يتكلم به ، فلما سمع منه قوله " الدخ " زبره وقال : اخسأ فلن تعد وقدرك .
يريد أن ذلك شئ ألقاه إليه الشيطان ، وليس ذلك من قبل الوحي وإنما كانت له تارات يصيب في بعضها ويخطئ في بعضها ، وذلك معنى قوله : يأتيني صادق وكاذب فقال له عند ذلك : خلط عليك .
والجملة من أمره أنه كان فتنة قد امتحن الله به عباده " ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حي عن بيتة " وقد افتتن قوم موسى في زمانه بالعجل فافتتن به قوم واهلكوا ، ونجا من هداه الله وعصمه انتهى كلامه .
أقول : اختلفت العامة في أن ابن الصياد هل هو الدجال أو غيره ، فذهب جماعة منهم إلى أنه غيره ، لما روي أنه تاب عن ذلك ، ومات بالمدينة ، وكشفوا عن وجهه حتى رأوه الناس ميتا ورووا عن أبي سعيد الخدري أيضا ما يدل على أنه ليس بدجال .
وذهب جماعة إلى أنه هوالدجال ، رووه عن ابن عمر وجابر الانصاري ( 2 ) * ( هامش ص 199 ) ( 1 ) رئى الجن : جنى يرى نفسه للكهنة ويلقى اليهم آراءه وأخباره .
ومثله رئى القوم لصاحب رأيهم الذى يرجعون اليه .
( 2 ) ترى تلك الروايات في كتب القوم ابواب الفتن والملاحم باب خروج الدجال كما في سنن أبى داود ج 2 ص 430 - إلى - 435 ومشكاة المصابيح ( ط - كراجى ) ص 472 إلى - 479 .
فما نقله المصابيح عن أبى سعيد الخدرى : انه قال صحبت ابن صياد إلى مكة فقال لى : ما لقيت من الناس ؟ يزعمون انى ادجال ! ألست رسول الله صلى الله عليه وآله يقول انه لا يولد له ، وقد ولد لى ، أليس قد قال هو كافر ؟ وأنا مسلم ، أو ليس قد قال لا يدخل المدينة ولا مكة وقد أقبلت من المدينه وأنا اريد مكة .
ومات نقله عن ابن عمر : أنه قال : عن نافع قال كان ابن عمر يقول : والله ما أشك أن المسيح الدجال هو ابن صياد ، رواه أبوداود والبيهقى في كتاب البعث والنشور .
*
[200]
أقول : قال الصدوق رحمه الله بعد إيراد هذا الخبر : إن أهل العناد والجحود يصدقون بمثل هذا الخبر ، ويروونه في الدجال وغيبته وطول بقائه المدة الطويلة وبخروجه في آخر الزمان ولا يصدقون بأمرالقائم عليه السلام وأنه يغيب مدة طويلة ثم يظهر فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما بنص النبي والائمة بعده صلوات الله عليهم وعليه باسمه وعينه ونسبه ، وبأخبارهم بطول غيبته إرادة لاطفاء نورالله وإبطالا لامر ولي الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون .
وأكثر ما يحتجون به في دفعهم لامر الحجة عليه السلام أنهم يقولون لم نرو هذه الاخبار التي تروونها في شأنه ولا نعرفها ، وكذا يقول من يجحد نبوة نبينا صلى الله عليه واله من الملحدين ، والبراهمة واليهود والنصارى : إنه ما صح عندنا شئ مما تروونه من معجزاته ودلائله ولا نعرفها ، فنعتقد بطلان أمره لهذه الجهة ، ومتى لزمنا ما يقولون لزمهم ما يقوله هذه الطوائف وهم أكثر عددا منهم .
ويقولون أيضا : ليس في موجب عقولنا أن يعمر أحد في زماننا هذا عمرا يتجاوز عمر أهل الزمان ، فقد تجاوز عمر صاحبكم على زعمكم عمر أهل الزمان .
فنقول لهم : أتصدقون على أن الدجال في الغيبة يجوز أن يعمر عمرا يتجاوز عمر أهل الزمان وكذلك إبليس ، ولا تصدقون بمثل ذلك لقائم آل محمد عليهم السلام ؟ مع النصوص الواردة فيه في الغيبة ، وطول العمر ، والظهور بعد ذلك للقيام بأمر الله عزوجل ، وماروي في ذلك من الاخبار التي قد ذكرتها في هذا الكتاب ومع ما صح عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال : كل ما كان في الامم السالفة يكون في هذه الامة مثله
-بحار الانوار مجلد: 48 من ص 200 سطر 19 الى ص 208 سطر 18 حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة .
وقد كان فيمن مضى من أنبياء الله عزوجل وحججه عليهم السلام معمرون .
أما نوح عليه السلام فانه عاش ألفي سنة وخمسمائة سنة ، ونطق القرآن بأنه " لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما " وقد روي في الخبر الذي ( قد ) أسندته في هذا الكتاب أن في القائم سنة من نوح ، وهي طول العمر ، فكيف يدفع أمره ولا يدفع ما يشبهه من الامور التي ليس شئ منها في موجب العقول ، بل لزم