عدم حمل بطاقة الهوية أصبح «جريمة»!
هاني الفردان
هاني الفردان ... كاتب بحريني
hani.alfardan [at] alwasatnews.com
تصغير الخطتكبير الخط
يقسم القانون البحريني الجريمة إلى نوعين جنايات وجنح، ويحدد نوع الجريمة بنوع العقوبة المقررة لها في نص القانون.
كما بيّن القانون أن «الجناية» لا تكون إلا عمدية، أما الجنحة فقد تكون غير عمدية إذا نص القانون على ذلك صراحة.
لقد جاء تصريح مدير إدارة الشئون القانونية بوزارة الداخلية بأهمية حمل المواطنين والمقيمين بطاقة الهوية الشخصية وإبرازها عند طلبها من قبل المعنيين، مع التنويه بأن عدم إبراز بطاقة الهوية يعد جريمة طبقاً لنص المادة (12/2) من القانون رقم 46 لسنة 2006 بشأن بطاقة الهوية والمعاقب عليها بالغرامة التي لا تتجاوز ثلاثمئة دينار.
بالرجوع إلى نص القانون بشأن بطاقة الهوية فالمادة (12) نصت بوضوح على أنه في حال «رفض إبراز بطاقة الهوية حال طلبها منه، طبقاً للقانون»، ومن خلال كلمة «رفض» فهي تحمل صفة «العمد» في الفعل وعليه يعاقبه القانون على رفضه إبراز الهوية، أي الامتناع قصداً وعدم إبراز هويته، وليس على عدم حمله لها أو إبرازها.
عدم حمل بطاقة الهوية قد تحمل صفة «غير العمدية» في الفعل كالنسيان، أو الفقدان أو غيرها من الحالات المتعارف عليها، وهذا بالتأكيد، لا يمكن وصفه بـ «جريمة» كما ورد في بيان وزارة الداخلية، ولذلك لجأ المشرع البحريني للفظة «الرفض» بدلاً من إبرازها أو حملها.
وصف الجريمة، يجب أن يكون بين أمرين لا ثالث لهما إما «جناية» وبالتأكيد فرفض إبراز بطاقة الهوية لن يكون في هذا المقام، أو جنحة وبنص القانون «قد تكون غير عمدية إذا نص القانون على ذلك صراحة»، إلا أن لفظة «رفض» تجعل من القضية جنحة عمدية.
ولأن القانون رقم (46) لسنة 2006 بشأن بطاقة الهوية في المادة (12/2) أشار بوضوح وبلا جدال في «عمدية» رفض إبراز بطاقة الهوية حال طلبها منه، ولم تكن هناك أي إشارة لأي جانب غير عمدي، كعدم حمل بطاقة الهوية مثلاً، فإن التجريم يقع على الرفض لا عدم الحمل.
من الواضح جداً أن المشرع البحريني من خلال قانون بطاقة الهوية «جرم» عملية «رفض» إبراز بطاقة الهوية، وليس عدم حملها، والفرق كبير جداً بين «الرفض» المنصوص عليه في القانون وهو الامتناع العمدي في الفعل، و «عدم إبراز أو حمل الهوية» الواردة في بيان وزارة الداخلية.
وللمزيد من التوضيح، فمثلاً نص قانون المرور بشكل واضح على أن قيادة السيارة من دون حمل رخصة القيادة مخالفة يجب المحاسبة عليها، إذ نصت المادة (57) من مرسوم بقانون رقم (9) لسنة 1979 بإصدار قانون المرور «على المرخص له حمل الرخصة أثناء القيادة وتقديمها لأفراد إدارة المرور والترخيص أو الأمن العام كلما طلبوا ذلك».
ففي قانون المرور ألزم المشرع قائد المركبة «حمل رخصة القيادة وتقديمها لأفراد إدارة المرور والترخيص أو الأمن العام كلما طلبوا ذلك»، وهو نص واضح لا يقبل التأويل أو النقاش، وهو نص يأتي مختلفاً عن نص قانون بطاقة الهوية التي جرمت فقط «رفض» إبراز بطاقة الهوية وليس عدم حملها.
صحيح أن مجلس الوزراء أصدر قرار رقم (1) لسنة 2007 بشأن اللائحة التنفيذية لقانون بطاقة الهوية رقم (46) لسنة 2006، بيّن أنه من واجبات حامل بطاقة الهوية «أن يحمل بطاقة الهوية في جميع الأوقات، وأن يبرزها حال طلبها منه طبقاً للقانون»، إلا أن هذا القرار لا يتسق مع نص المادة (12) من قانون بطاقة الهوية التي أوجب تغريم كل من «يرفض» إبراز بطاقة الهوية 300 دينار بحريني، وخصوصاً أن الحالات التي تفرض فيها فرض غرامة الـ300 دينار في القانون هي: تخلف عن التقدم بطلب للحصول على بطاقة الهوية، رفض إبراز بطاقة الهوية حال طلبها منه طبقاً للقانون، تخلف عن تجديد أو استبدال أو تسليم بطاقة الهوية خلال المدد المحددة لذلك في اللائحة التنفيذية، تخلف عن إخطار الجهاز المركزي للمعلومات بالتغيير الذي حدث في البيانات المدرجة ببطاقة الهوية خلال المدة المحددة لذلك.
فقد نص القانون على أربع حالات يمكن التغريم فيها بـ300 دينار، لم تكن من بينها مسألة حمل أو إبراز بطاقة الهوية، وإنما فقط «رفض» إبراز الهوية، ومع ذلك فقد وضع المشرع البحريني في المادة ذاتها وقبل سرد الحالات الأربع التي يجب فيها فرض غرامة الـ300 دينار فقرة «دون عذر مقبول» أي أنه فتح باب الأعذار أيضاً حتى في عملية الرفض قبل فرضها ومحاسبته.
هذه القرارات، واللوائح ليست بجديدة ولكن لم يسمع عنها الشارع البحريني من قبل، وهي كما قلنا من قبل قوانين موجودة ضمن سلسلة واسعة من الإجراءات والقوانين والقرارات التي تبقى وقف التنفيذ ويتم إبرازها وقت الحاجة لأغراض معينة حتى لو تم تحوير مقاصدها وأهدافها لخدمة أغراض معينة، ولأهداف واضحة، وسرعان ما ستختفي بعد ذلك لتستدعى أيضاً من جديد متى ما تطلب الأمر في وقت معين ولحاجة معينة.
هاني الفردان
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3994 - الأربعاء 14 أغسطس 2013م الموافق 07 شوال 1434هـ