اليمن... ثورة بين العنف والتقسيم
شبكة النبأ: اليمن وعلى الرغم من الثورة الشعبية التي اسهمت بإسقاط الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لايزال يعاني الكثير من المشاكل والأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية والتي تفاقمت بشكل كبير بسبب اشتداد المنافسة بين الفصائل السياسية والقبلية في هذه البلاد الفقيرة، وهو امر خطير قد يسهم بتقسيم اليمن او دخولها في دوامة الحرب الأهلية خصوصاً وان هناك اطراف اخرى تسعى الى ذلك في سبيل تحقيق بعض المكاسب الخاصة، هذا بالإضافة الى ان اليمن لاتزال معقل مهم من معاقل تنظيم القاعدة وباقي الجماعات المتشددة والتي لاتزال تواصل تكثيف هجماتها المسلحة في مختلف انحاء البلاد لأجل عرقلة وافشال العملية السياسية واضعاف قدرة الحكومة اليمنية المدعومة دوليا كما يقول بعض المراقبين.
وفيما يخص اخر الاحداث في اليمن فقد قتل 42 شخصا على الأقل في اشتباكات قبلية حسب ما افادت مصادر قبلية ومسؤول. وذكرت مصادر متطابقة ان المواجهات مستمرة منذ ايام بين مسلحين موالين للزعيم القبلي حميد الاحمر، وهو في الوقت نفسه من قادة التجمع اليمني للإصلاح (حزب اسلامي)، والحوثيين في محافظة عمران، شمال العاصمة اليمنية.
وقتل اكثر من 30 شخصا خلال الايام الاخيرة في مواجهات سجلت في منطقتي عصيمات وعذر، بحسب ما افاد زعيم قبلي. وعصيمات وعذر تحملان اسمي القبيلتين السنية والشيعية اللتين تقطنانهما. كما قتل 12 شخصا على الاقل في معارك في منطقة الردمة بالقرب من اب جنوب غرب صنعاء بحسب ما افاد مسؤول محلي. من جهة اخرى، انفجرت عبوتان في صنعاء استهدفتا حافلتين تقلان عناصر من قوات الجو الى الاكاديمية العسكرية بحسب ما نقلت وكالة الانباء اليمنية الرسمية عن مسؤول. وانفجرت احدى القنبلتين على طريق المطار بينما انفجرت الاخرى في شارع النصر شرق صنعاء، بحسب المسؤول.
وكانت عبوة مماثلة استهدفت في وقت سابق حافلة تقل عناصر من القوات الجوية واسفرت عن مقتل جندي واصابة 25 آخرين. وشن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يعد الاكثر نشاطا بين فروع التنظيم، العديد من الهجمات ضد قوات الامن في اليمن. الا ان تصاعد الاضطرابات يعتبر كذلك محاولة لعرقلة عملية المصالحة الوطنية المتعثرة التي تهدف الى صياغة دستور والاعداد للانتخابات.
الى جانب ذلك قال مسؤولون امنيون ان مسلحين يشتبه بأنهم من تنظيم القاعدة قتلوا ما لا يقل عن 31 من جنود الجيش والشرطة اليمنيين في هجمات في جنوب البلاد هي الأشد دموية منذ ما يزيد على سنة. وقتل 21 جنديا حين انفجرت سيارتان ملغومتان في معسكر للجيش في النشيمة قرب الساحل وقتل عشرة من الشرطة برصاص مسلحين في مدينة الميفعة في داخل البلاد.
واضاف المسؤولون ان سيارة ملغومة انفجرت قرب المرفأ الوحيد لتصدير الغاز الطبيعي المسال في البلاد في بلدة بلحاف الساحلية مما أدى إلى مقتل من كانوا بداخل السيارة دون وقوع اي اضرار أخرى. وذكرت المصادر أن المسؤولين يعتقدون أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤول عن الهجومين. وتعتقد دول غربية أن هذا التنظيم الذي حاول تنفيذ تفجيرات على خطوط طيران دولية أحد أخطر فروع القاعدة.
وقتلت طائرات امريكية بدون طيار العشرات من اعضاء القاعدة في جزيرة العرب واستعاد الجيش اليمني مساحات واسعة من الاراضي من سيطرة المتمردين مما جعل وزير الخارجية اليمني يصف هجمات بأنها علامة على اليأس المتزايد. وقال الوزير ابو بكر القربي استهدف هذا الهجوم اظهار انهم ما زالوا هناك. لكنه اثبات على انهم يخسرون الحرب ضد امن اليمن واستقراره.
وقال علي الصراري المستشار السياسي لرئيس الوزراء ان الهجمات تهدف الى احباط جهود المصالحة في الحوار الوطني الذي بدأ بين الفصائل المتناحرة بعد انتفاضة شعبية عام 2011. وأضاف الهجوم جاء بعد قيام الحزب الحاكم السابق بتعليق مشاركته في مؤتمر الحوار وبعد هجمات متتالية على انبوب النفط وخطوط الكهرباء.. والهدف الرئيسي هو افشال التسوية ومنع مؤتمر الحوار من الخروج بمعالجات لمختلف القضايا وبالذات القضية الجنوبية.
ويمثل الحفاظ على الاستقرار في اليمن الفقير اولوية بالنسبة لواشنطن ودول الخليج بسبب موقعه المطل على مسارات رئيسية لحركة ناقلات النفط وبالقرب من السعودية اكبر مصدر للنفط في العالم. وكانت الهجمات الاخيرة هي الاكثر دموية ضد الجيش اليمني منذ مايو ايار 2012 حين قتل مفجر انتحاري في زي عسكري اكثر من 90 جنديا في استعراض عسكري بالعاصمة صنعاء.
وانفجرت قنبلة مخبأة في سيارة وسط مجموعة من الجنود عند بوابة معسكر النشيمة بينما كان السائق يحاول الدخول. وقال مصدر امني ان السيارة الأخرى كانت داخل المعسكر بالفعل حين انفجرت. وقالت مصادر في وقت سابق إن قرابة 30 جنديا قتلوا في الهجوم. وذكر سكان في الميفعة أن مسلحين فتحوا النار على مقر أمني مما أسفر عن مقتل عشرة من افراد الشرطة قبل أن يفروا في عربات مسروقة.
ووقعت الهجمات في محافظة شبوة الجنوبية وهي منطقة وعرة يغيب عنها القانون كانت مسرحا لكثير من القتال في السنوات القليلة الماضية بين المتشددين الاسلاميين وقوات الأمن. وبرز تنظيم القاعدة في جزيرة العرب كواحد من اشرس الفروع الدولية للقاعدة وكتهديد مباشر للولايات المتحدة حين اعلن مسؤوليته عن محاولة النيجيري عمر فاروق عبد المطلب تفجير طائرة ركاب متجهة الى ديترويت يوم 25 ديسمبر كانون الاول 2009 باستخدام قنبلة خبأها في ملابسه الداخلية.
وقال انه مسؤول ايضا عن محاولة فاشلة لارسال طردين جويين بهما قنابل الى الولايات المتحدة في اكتوبر تشرين الاول 2010 . ودفعت معلومات مخابرات عن هجوم وشيك للقاعدة في جزيرة العرب الولايات المتحدة ودولا غربية اخرى الى اغلاق كثير من سفاراتها في الشرق الاوسط وافريقيا واسيا بصورة مؤقتة.
واستغل المتشددون الفوضى السياسية في اليمن اثناء الربيع العربي في 2011 لينتزعوا السيطرة على بعض البلدات والمناطق المحيطة في جنوب البلاد. وردتهم القوات اليمنية بمساعدة من الولايات المتحدة العام الماضي ليتفرقوا الى جماعات صغيرة انتشرت في انحاء الجنوب النائية الوعرة. بحسب رويترز.
ورغم ذلك نفذوا سلسلة من الهجمات ضد اهداف حكومية وعسكرية باستخدام اساليب عدة تراوحت من الهجمات الانتحارية والسيارات الملغومة الى اطلاق الرصاص من سيارات مسرعة. ويواجه اليمن مجموعة من التهديدات الداخلية الى جانب تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومنها حركة انفصالية متنامية في الجنوب وتمرد في الشمال للحوثيين.
تخريب جديد
من جانب اخر اقدم مسلحون على تفجير انبوب النفط الرئيسي في وسط اليمن ما ادى الى توقف عمليات ضخ الخام عبر الانبوب بحسبما افاد مصدر من القطاع النفطي وآخر قبلي. وذكر المصدر القبلي ان المسلحين فجروا الانبوب عند نقطة الكيلومتر 107 في منطقة سرواح بمحافظة مارب شرق صنعاء. من جانبه، اوضح المصدر من القطاع النفطي ان التفجير أدى إلى توقف عملية ضخ النفط.
وكان الانبوب تعرض لهجوم مماثل في وقت سابق دون ان يسفر ذلك عن توقف عمليات الضخ، بحسب مصدر قبلي آخر. ويربط الانبوب الذي يبلغ طوله 435 كيلومترا بين حقول صافر في مأرب وميناء رساس عيسى على البحر الاحمر في الغرب. ويتعرض هذا الانبوب باستمرار لعمليات تخريب في هذه المنطقة القبلية. بحسب فرانس برس.
وكانت السلطات أطلقت حملة عسكرية ضد القبائل المتهمة بتنفيذ هذه الهجمات في مارب، واسفرت المواجهات عن مقتل 17 شخصا. واتهم وزير الكهرباء عدة مرات افراد قبيلة موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح بشن هذه الهجمات بهدف زعزعة استقرار البلاد وتراجع انتاج النفط بشكل كبير في اليمن بسبب الوضع الامني وسوء الصيانة وتراجع الاستثمارات في التنقيب. وكان انتاج اليمن في 2001 بحدود 440 الف برميل يوميا. وفي 2010، صدر اليمن 103 الاف برميل يوميا بحسب ارقام وكالة الطاقة العالمية.
جهود تتعثر
في السياق ذاته فالجدل المثار حول مطالبة جنوبيين بالانفصال يعطل الجهود المبذولة في أهم تجمع سياسي يعقد في اليمن منذ عقود لحل الصراع المتشعب واصلاح اقتصاد البلاد المعتمد على النفط. واعادة الاستقرار الى اليمن حليف الولايات المتحدة الذي يتصدى لمتشددين من القاعدة وانفصاليين جنوبيين ومتمردين في الشمال هو أولوية للمجتمع الدولي خوفا من حدوث فوضى في الدولة المتاخمة للسعودية أكبر منتج للنفط في العالم ولممرات شحن بحرية هامة.
وكان من المقرر ان ينهي مؤتمر الحوار الوطني الشامل مداولاته المستمرة منذ ستة اشهر باصدار توصياته عن الدستور الجديد والنظام الانتخابي مما يمهد الطريق لاجراء انتخابات ديمقراطية كاملة عام 2014. وقالت وزارة الدفاع اليمنية في بيان ان منظمي المؤتمر قرروا تمديد عمله لإعطاء الأعضاء فسحة من الوقت لمناقشة شكل اليمن الجديد.
ويريد الانفصاليون الجنوبيون تقسيم اليمن الى قسمين ليتمتع الجنوب بسيطرة ملموسة على شؤونه. وتفضل بعض الاحزاب الشمالية اتحادا متعدد المناطق. وقال مصدر في الرئاسة اليمنية ان قرار تمديد أعمال المؤتمر هو لإعطاء فسحة من الوقت للفريق المكلف بمناقشة قضية الجنوب ليبت في وضع الجنوب في إطار عمل دستوري جديد. وأضاف المصدر هناك اتفاق عام على اليمن كدولة اتحادية لكن الخلاف هو حول عدد المناطق.
واندلعت حرب اهلية بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي الشيوعي السابق عام 1994 بعد أربع سنوات من اندماج شطري اليمن في دولة واحدة. وتمكن الرئيس اليمني حين ذاك علي عبد الله صالح من الحاق الهزيمة بقوات الجنوب الانفصالية وحافظ على الاتحاد. وخلال العقود التي تلت والعواقب الناجمة عن الصراع تصاعدت من جديد مطالب الجنوبيين بالانفصال. ويشكو الجنوبيون من التمييز ضدهم من قبل الشماليين وفصل عشرات الالاف من وظائف الدولة والسيطرة على أصول الدولة والممتلكات الخاصة وحرمان أسر جنود قتلوا في الصراع من معاشات الدولة. بحسب رويترز.
وتوجد معظم الاحتياطيات النفطية في اليمن الاخذة في التراجع بسرعة في الجنوب. واليمن هو ثاني أفقر الدول العربية بعد موريتانيا وتعتمد كثير من الاسر على تحويلات اليمنيين العاملين في السعودية. وتنفي حكومة اليمن المركزية وجود اي نوع من التمييز. وقال أحمد الخولاني وهو وزير سابق وزعيم المؤتمر الشعبي العام حزب الرئيس السابق انه سيرفض تقسيم اليمن الى شمال وجنوب وقال ان هذه جريمة بحق الأمة لا يمكن القبول بها. وقال وزير الخارجية اليمني ابو بكر القربي ان كل الاحزاب المشاركة في المحادثات قبلت فكرة الدولة الاتحادية. وخلال زيارته لدبي قال القربي انه يتصور ان يوافق مؤتمر الحوار الوطني الشامل على أربعة او خمسة أقاليم.
شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/أيلول/2013 - 17/ذو القعدة/1434