وأما «اليتيم» فلا بواكي عليه
حمود أبو طالب
في خضم مواضيع وقضايا وأحداث تستجد كل يوم، أتمنى ألا ننسى (فيصل).
فيصل الطفل اليتيم الذي ذهب ضحية التعذيب السادي البشع على يد الشخص الذي سلمته له الشؤون الاجتماعية ليهبه بصيص أمل في الحياة، فسقاه كأس الموت ببشاعة مفرطة.
كان فيصل خبرا مأساويا خلال الأسبوع الماضي، توقعنا أن تتابعه وسائل الإعلام التي نشرت قصته، لكنها انشغلت بغيره، وهذا ما كنت أتوجس منه حين قلت في برنامج تلفزيوني ناقش قضيته: أتمنى ألا تمر مأساة فيصل خبرا عابرا يطويه الوقت ويلفه الصمت، لكن ــ للأسف ــ يبدو أن الأمر كذلك.
إلى الآن ، بحسب متابعتي، لم نسمع عن خروج بيان من وزارة الشؤون الاجتماعية يوضح لنا حيثيات وملابسات إزهاق روح فيصل. طفل يتيم كان في عهدة الوزارة وسلمته إلى شخص قتله، وإلى الآن لم تدخل قضيته ضمن اهتمامات الوزارة، حتى لو بالكلام. هل لأنه لن يسأل عنه أحد؟ هل لأنه نبتة برية نبتت في صحراء لا يهم إذا داسها أحد وطمرها في التراب؟ هل هناك فرق بين الأرواح التي خلقها الله؟
في برنامج (يا هلا) الذي ناقش قضية فيصل اتضح لنا كم هي عشوائية وبدائية منهجية وزارة الشؤون الاجتماعية في تسليم الأطفال الأيتام للأشخاص المتقدمين لكفالتهم. كم أحزنني كثيرا عندما سمعت شيئا من تلك المنهجية العقيمة التي لا تضمن السلامة ليتيم، وكأن الوزارة تصر على عدم الاقتداء بما تفعله بقية مجتمعات العالم. وكم أشفقت على الأخت الكريمة التي ظهرت في حلقة النقاش، ممثلة للوزارة وهي تستعيد الرقم الكبير للأطفال الذين تم تبنيهم دون مشاكل ــ بحسب زعمها. تحدث الزميل الدكتور فهد اليحيا استشاري الطب النفسي عن ضوابط وشروط الإجراءات اللازمة لتبني طفل أو كفالة يتيم في بقية دول العالم، وكأنه يتحدث إلى مجتمع انضم للتو إلى الإنسانية، ألم تكن وزارة الشؤون الاجتماعية تعرف تلك الضوابط والشروط؟ ألم تهتم بمعرفتها؟
على أي حال، أود أن يقتطع وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين ثواني قليلة من وقته ليعرف كم هو حزن إخوان وأخوات فيصل عليه، وكم هم يعانون من أشياء كثيرة في دور الأيتام قبل أن تتعهدهم أيدي الآخرين. إنهم يؤكدون ــ يا معالي الوزير ــ أن فيصل كان يبكي بحرقة عند تجهيزه لمغادرة الدار، لم يكن يرغب في مغادرتها رغم كل ما فيها، إلا أنهم أجبروه على أن يكون في عهدة شخص لم يتم التأكد من إنسانيته وصحته النفسية والعقلية بأكثر من: شهادة حسن سيرة وسلوك، ولم تتم متابعته سوى مرة واحدة فقط.
وتزامنا مع مأساة فيصل، فقد انهالت ــ يا معالي الوزير ــ معلومات مؤلمة عن أوضاع الأيتام في دوركم، نتمنى عليكم، كما تمنينا كثيرا في أوقات سابقة، أن تتداركوها بالإصلاح، ولكن ليس قبل أن تتبنى وزارتكم قضية فيصل؛ لأنكم مسؤولون عنها أمام الله أولا، وأمام الضمير الإنساني ثانيا.