في ذكرى شهادة آية الله السيد حسن الشيرازي قدس سره
كلمة.. في رجل ( الكلمات ) والحوزة والشهادة
ابراهيم سلمان
بعد المعصومين عليهم السلام.. لا تكاد تجد اعظم من علماء الدين الربانيين.. فالعلماء ورثة الانبياء عليهم السلام.. وعندما نتوقف في ذكرى شهادة آية الله السيد حسن الشيرازي قدس سره فانما نتوقف في ذكرى احد اولئك العظماء الذين ينبغي تجديد ذكرياتهم باستمرار..
لا تكريماً لهم واعترافاً بدورهم في هداية البشرية فقط.. بل لان العظماء ايضاً جسدوا في حياتهم القيم الالهية العظيمة.. وعندما نحيي ذكراه فانما نحيي القيم العظيمة التي تمثلوها في حياتهم ونخطو بذلك خطوة مهمة على طريق الاقتداء بهم.
كان سماحة السيد الشهيد عظيماً بعظمة القيم التي مضى عليها وجسدها في حياته المباركة.. الايمان.. العمل الصالح.. العلم.. الزهد.. التبليغ.. الجهاد.. ومقارعة الظالمين.. كان كتلة من النشاط والعمل.. تفانى فيه الى حد الغاء نفسه وعدم الاكتراث بمتطلبات الحياة الاساسية.. فسماحة السيد ليس فقط لم يتزوج لكي يتفرغ للعمل الاسلامي ولا يشغله عنه شاغل.. بل كان ينسى نفسه في زحمة العمل.. فتراه لا يتناول طعاماً لساعات طويلة.. ربما تمتد لطول اليوم..
ينقل احد المقربين منه انه كان يواصل اعماله التبليغية ويؤكد على مرافقيه ان لا يشغلوه بقضية الطعام وما اشبه.. حتى خاف عليه احدهم من ان يسقط ميتاً.. فاشار اليه لكي يأتي الى داخل البيت لامر هام.. فلما دخل كان قد حضّر له كوباً من العصير وترجاه ان يشربه ثم يذهب لمواصلة عمله.. فقبل العرض على مضض.
فرّغ نفسه لربه وقضايا امته.. لم تشغله الدنيا.. لم يمتلك داراً.. ولا سيارة.. رغم ان الملايين كانت تمر من بين يديه وكان بامكانه ان ينال منها.. ولعل هذا ما يفسر لنا شهادته في سيارة الاجرة التي كان يستقلها لدى عودته من مجلس الفاتحة التي اقامها على روح آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر واخته العلوية بنت الهدى..
لقد توج مسيرة حياته الجهادية بالشهادة.. وكرّمه الله بها.. وقد اعلن في حينها آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي تاريخ شهادته اسبوعاً للشهداء في العراق.
مضت على شهادته قرابة العقود الثلاثة ولكن اعمار العظماء لا تفنى.. فها هو مستمر في فكره ونهجه.. في (كلماته التسعة عشر) التي بدأها ب ( كلمة الله ).. وختمها ب ( كلمة الامام المهدي عجل الله فرجه ) ...
فهو مستمر في كتبه التي لا تزال تُعاد طبعاتها او يُطبع المخطوط منها.. وكأنه سابق على عصره... هو مستمر في العراق الذي شهد الخلاص من الديكتاتورية.. والتي كان للسيد الشهيد الدور الاساسي في مواجهتها..
لقد كان ناطقاً فريداً ضد الطغيان في زمن الصمت المطبق.. واجه الشيوعية.. فالبعثية.. بكل بسالة وصمود.. وحُكم عليه بالاعدام.. وقادوه خلال سجنه المريد ثلاث مرات الى خشبة الاعدام.. ولكن شاء الله ان ينجيه.. ليواصل مسيرة العمل والجهاد في المهجر..
وخلال هذه الهجرة المباركة قام بتأسيس الحوزة العلمية في منطقة السيدة زينب عليها السلام.. تلك الحوزة التي أحيت المقام المعظم للسيدة الحوراء عليها السلام.. كما هيئت الارضية الخصبة لاحتضان قوى الجهاد ومجاميع المهاجرين من ابناء الشعب العراقي فيما بعد.. التي قارعت الطغيان على مدى العقدين الماضيين.
وانجازاته العلمية والسياسية لم تقتصر على سوريا وحدها.. بل امتدت من البحرين شرقاً.. الى سيراليون في اقصى الغرب الافريقي.. مروراً بالطبع بالعراق.. ولبنان.. ومدينة الرسول صلى الله عليه وآله حيث جهوده الاستثنائية لاعادة بناء قبور ائمة البقيع عليهم السلام تلك الجهود التي كادت ان تتكلل بالنجاح لولا سذاجة بعض المحسوبين على الاصدقاء.
لقد كان للحرية التي ننعم بها في العراق اليوم ثمناً باهظاً.. ولا شك ان آية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي دفع قسطاً وافراً من ذلك الثمن.
شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28 حزيران/2007 -12/جماد الاخرى/1428