أين تذهب الأموال المخصصة للثقافة في العراق؟
علي حسين عبيد
شبكة النبأ: في كل سنة هناك ميزانية مالية، او حصة من اموال الخزينة العامة للدولة، يتم تخصيصها للنشاطات الثقافية في عموم محافظات العراق، أنا هنا لا أتحدث عن الاموال التي تم رصدها لمشروع (بغداد عاصمة الثقافة العربية)، ولا عن الاموال التي تم رصدها لمشروع (النجف الاشرف عاصمة الثقافة الاسلامية)، فتلك الاموال كبيرة وضخمة تقدر بالمليارات، وقد تم تخصيصها خارج الاستحقاقات المالية السنوية المعتادة للنشاطات الثقافية في المحافظات.
ما اقصده هنا، الاموال التي تخصص سنويا لكل محافظة على ان تُصرَف الاموال لصالح نشر الثقافة، تُرى كيف تُصرف هذه الاموال؟ وما هي الابواب التي تستهلكها؟ وهل هناك خطط يشرف عليها مثقفون اداريون متخصصون بالشؤون الثقافية، أم أنها تُصرف بطرق عشوائية، ويتم تبذيرها او هدر (نسبة منها) قد تكون كبيرة، وربما يقع الهدر في هذه الاموال التي يُفترَض ان ترتفع بالوعي والثقافة الجمعية، بسبب الجهل في طرق صرفها، او ربما التجاوز عليها بأساليب خبرها فاسدون، لا يتورعون عن مد أيديهم الى أموال الشعب.
أنا لا أتهم أحدا هنا ولا جهة معينة، لكن التجاوز على المال العام اصبح ظاهرة لا احد يستطيع نفيها، او يثبت عدم وجودها، خاصة اننا نتحدث عن الثقافة التي لم نلمس اهتماما كافيا بها، من لدن الجهات المعنية، كما اننا لم نلمس نتائج عملية واقعية تثبت لنا ان الاموال المخصصة للثقافة في المحافظات، تذهب في الامكنة الصحيحة لها.
لذلك مطلوب من الجهات التي تخصص هذه الاموال، (وزارة المالية، و وزارة الثقافة، أو غيرهما)، أن تعلن قيمة هذه الاموال لكل مدينة على حدة، وأن تخضع هذه الاموال للمراقبة، وان يتم التعاطي معها وفق شروط الشفافية التي تتيح للجميع وأولهم المثقفين، عن مقدار قيمة تلك الاموال والكيفية التي يتم استهلاكها فيها، فضلا عن دقة الحسابات في هذا المجال والمطابقة بين قيمة المال الداخل، والمصروف، على أن يتم ذلك بطريقة محاسبية دقيقة، وباشراف الرقابة المالية والمفتشية العامة، وحسب الاجراءات القانونية المعمول بها في ادارة الاموال المصروفة لهذا الجانب او ذاك.
أما طرق استثمار هذه الاموال، والأولويات التي تتقدم على غيرها في المجال الثقافي، فإن هذا الامر يجب أن يتبناه لجان ثقافية يتم تشكيلها من خبراء في الثقافة، تخولهم الجهات المعنية، بكتابة البنود الصحية التي يتم من خلالها صرف هذه الاموال، من اجل تنشيط الثقافة العامة ونشرها بين فئات واسعة من الشعب خاصة الفقيرة.
وقد اعتادت بعض الجهات التي لا نعرف من خولها على التصرف بالاموال المخصصة للثقافة، أن تقوم بنشاطات ثقافية شكلية، (المهرجانات النخبوية) إذ يتم اقصاء الشرائح الشعبية المختلفة من الشعب، ويتم حرمانها من الاستفادة من هذه الاموال، وهنا أتساءل، ما الذي يستفيده الشعب او الفقراء الذين يفتقرون لمستوى جيد من التثقيف، اذا أقامت الجهات المخولة مهرجانات شعرية او نقدية او سواها؟، إنها مهرجانات مخصصة للنخبة، حيث يتم صرف الاموال بطرائق بذخ كبيرة، لا تتناسب مع الفوائد التي تنتج عن مثل هذه المهرجانات.
وهنا أتساءل هل فكر القائمون على الثقافة، بإقامة انشطة عامة في الاحياء الشعبية؟ كالندوات او اقامة النشاطات والاعمال المسرحية في الهواء الطلق وما شابه، إنني أتذكر قبل اكثر من خمسين سنة، عندما كانت تأتي الى الاحياء السكنية، سيارة تحمل عارضة كبيرة وتقوم بعرض احد الافلام الاجتماعية او سواها على الجماهير، نعم في العصر الراهن، عوضت وسائل الاعلام والفضائيات عن ذلك، لكن كانت حصة الجماهير الشعبية معروفة في هذا الجانب.
خلاصة القول.. يجب أن يكون هناك وضوح تام بشأن الاموال المخصصة للثقافة في المحافظات، قيمتها وكيفية صرفها، على أن يتم إشراك ذوي الشأن من (المثقفين)، في التخطيط والتنفيذ والاشراف، على صرف هذه الاموال، كونهم الجهة الاقرب للثقافة من غيرهم.
شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/تموز/2013 - 22/شعبان/1434