سلمان القلاف
Salman44444@hotmail.comالمياه تشعل الحروب
الثلاثاء, 02 يوليو 2013
حجم الخط طباعة أرسل الخبر الى صديق أضف تعليق
kuwQ1@tiwtter
لم تكن اتفاقية حوض النيل سنة1929 الموضوعة من قبل بريطانيا العظمى آن ذاك عبثا أو مجرد اتفاقية املائية لدول حوض النيل »مصر-السودان-رواندا-بوروندي-الكونغو-أثيوبيا- وأوغندا-تنزانيا-وكينيا-واريتريا«، ولقد كانت نظرة بريطانيا ثاقبة لما سوف يشمل دول الحوض من نزاع على المياه العذبة، وهذا ما حصل بالفعل هذه الأيام، ورغم توقيع الدول على هذه الاتفاقية فإن بعضا منها حاول ولا يزال يحاول تقويض هذه الاتفاقية، لانها ووفق ما يتصور تضر بمصالح تلك الدول خاصة، وكان من أكثر المتضررين لنقض هذه الاتفاقية أو محاولة التملص منها مصر والسودان كونهما دولتي المصب، بينما الآخرون يعاملون كدول للمنبع.
وقد تفجر الخلاف خصوصا بين مصر وأثيوبيا على وجه الخصوص ألان أثيوبيا تقوم بعمل مشاريع مائية ضخمة من أهمها سد النهضة الذي يساعدها على توليد الطاقة الكهربائية كما تدعي وهي أهم دولة في دول المصب وتسيطر على ما نسبته 75٪من مياه الحوض كما أنها تستطيع السيطرة على مياه النيل بفعل المنشآت الهندسية التي من شانها أن تحجز المياه عن الدول الأخرى وتستأثر بها عن الغير وهذا بالضبط يعطي مصر والسودان حق النقض الفيتو ضد هذه المشاريع وفق اتفاقية 1929 التي تنص على ان اي دولة من دول الحوض يجب أن تأخذ موافقة من مصر على أي منشأه هندسية تقوم على مياه ومصب النهر، وهذا ما ترفضه دول المنبع ومن ضمنها الدولة المؤثرة أثيوبيا.
الجميع يفهم ويعرف بأن مصر وقعت اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني كامب ديفيد1979وهذه الاتفاقية هي ما تسمى باتفاقية السلام لم تنفع مصر في شيء، بل إن الكيان الصهيوني نقضها بالفعل حيث دعم أثيوبيا في مشاريعها المائية من حيث دعم الاقتراض الأثيوبي لمثل هذه المشاريع الخطرة على الأمن المائي المصري، وبذلك تكون اسرائيل قد اخترقت اتفاقية كامب ديفيد، ودعمت الاخلال بالأمن المصري المائي بشكل غير مباشر بل ومباشر أيضا،اذ لولا الدعم الصهيوني لما استطاعت أثيوبيا أن تقوم بانشاء مثل هذه المشاريع على منابع مياه النيل، كما أن الخبراء الاسرائيليين لهم يد في مثل هذه المشاريع لمحاولة الضغط على مصر مائيا من خلال أثيوبيا وسلطتها على المياه وهي مياه النيل التي تعتمد عليها مصر بشكل أساسي.
فاذا كان دور مصر قد انحسر أفريقيا، فان بالامكان استعادة هذا الدور الريادي ويجب أن يكون بقوة وفاعلية وتأثير، ولكن ما يدور في مصر حاليا لا يساعد على ذلك بل يساعد الآخرين على الاستمرار في عملهم من اجل الاستفادة من مياه النيل التي تمر بهم كونهم دولا للمنبع ومن هنا فاذا كانت أثيوبيا وغيرها تسعى الاستفادة من الطاقة المائية من اجل توليد الطاقة الكهربائية فان بالامكان انشاء محطات نووية تولد الطاقة الكهربائية أو محطات غازية او محطات تعمل بالطاقة الشمسية فكلها حلول مهمة وأسرع من الانشاءات الضخمة كالسدود ووقتها الهندسي اقل، ولكن يبدو ان الأمور السياسية وحب التدخل والضغط على البلدان في دول المصبات هو الهدف وليس توليد الكهرباء، ومن هنا فانني أقول بأن الأمور اذا استمرت بهذه الطريقة الوعرة بين أطراف الحوض فانها سوف تؤدي الى حروب لا محالة من اجل الأمن المائي فلا احد يساوم أو يتلاعب في هذا الموضوع المهم ولا يمكن أن يتصور احد بان مصر سوف تتنازل عن أمنها المائي ولو كلفها ذلك الكثير الكثير، كما أن لجوء مصر الى الأمم المتحدة أو الدول الغربية لن يجدي نفعا فالآن الأمور على الواقع المائي مختلفة تماما عن أي مسألة أخرى، اذ ان مصر قدمت ولا تزال تقدم خدمات لدول المنبع في التعليم والتعليم العالي وفي مجال الزراعة وحفر الآبار وتدريب على البعثات الدبلوماسية وغيرها وكل هذا يجب أن يراها بدلا من اشاعة العداوة بين دول الحوض، وباختصار فان اليد الاسرائيلية الخفية هي من تعمل بشكل ضروس على زعزعة الأمن المائي في مصر وأتمنى أن يدقق القارئ جيدا ويبحث فيجد ما يريحه.
مصر الآن في دوامة ويجب أن يعي الجميع مدى خطورة هذا الوضع على مصر والمصريين وعلى مصالح مصر وخصوصا المائية منها.