المعارضة السورية... بوادر بداية النهاية
شبكة النبأ: اندلع الصراع في سوريا قبل أكثر من عامين شهدت خلاله الساحة السورية صعودا للجماعات الإسلامية المتطرفة التي يرتبط بعضها بالقاعدة او ما يسمى بالمعارضة المسلحة المدعومة من بعض الدولة الإقليمية والغربية، الى جانب جماعة الاخوان المسلمين في سوريا التي هيمنت على التمثيل السياسي للمعارضة في الخارج، لكن اليوم وصلت المعارضة السورية إلى طريق مسدود في محادثات لانتخاب زعيم جديد حيث وجهت الإطاحة بحكم الاخوان المسلمين في مصر ضربة لأكثر فصائل المعارضة نفوذا، ويحول هذا الجمود دون توصل الأطراف الرئيسية في الائتلاف الوطني السوري إلى اتفاق يقبله داعموهم في قطر والسعودية الذين يريدون تعزيز المعارضة لمواجهة هجوم الجيش السوري.
ويرى الكثير من المراقبين أن عجز المعارضة السورية عن الاتحاد أدى إلى احجام الدول الغربية عن امدادها بالاسلحة حتى مع تحقيق قوات الاسد في الاشهر الماضية لمكاسب، ومع اكتساب قوات الاسد قوة دفع في قتالها ومواصلتها قصف المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بالطيران والمدفعية أدار كثير من قادة المعارضة المحليين ظهورهم بالفعل للمعارضة في الخارج، ويشعرون بخيبة الأمل لعدم قدرة قيادتهم السياسية في الخارج على تكوين جبهة موحدة تقنع القوى الخارجية بإمداد المعارضة بمزيد من الدعم العسكري والمالي.
فعلى الرغم من كل الجهود التي تبذلها الدول الخليجية والغربية في توحيد ودعم ما يسمى بالمعارضة السورية باتجاه وموقف واحد، يرى الكثير من المراقبين ان هناك انقسامات وتقاطعات حادة بين مكونات المعارضة، وبين الدول الداعمة لمشروع إسقاط النظام السوري من الدول الإقليمية والغريبة على حد سواء، لتعكس المساعي بالحقائق والدلائل مدى التنافس والغايات والأجندة التي تهدف اليها الدول الداعمة للمعارضة، كلما طال أمد صراع سوريا زاد تشرذم وانقسام بين مكونات المعارضة المسلحة، التي منذ نشأتها استخدمت العنف والاسلاح للتحقيق اهدافها المشبوهة.
ففي نهاية العام الماضي تكهنت المعارضة المدعومة من لدن بعض الدول العربية والغربية بأن أيام الأسد في السلطة معدودة، لكن هذه الدول تخشى الآن على بقاء المعارضة بعدما رجحت في الشهور القليلة الماضية كفة الجيش السوري خاصة بعد أن حصل على دعم حزب الله، ويحاول الجيش السوري بسط سيطرته على حزام من الأراضي يمتد من مركز سلطته في دمشق إلى معقله على ساحل البحر المتوسط، وتفرض الجيش السوري حصارا في مدينة حمص على مقاتلي المعارضة الذين يحاولون الاحتفاظ بالسيطرة على أراض في أنحاء متفرقة من البلاد بينما لا تستطيع المعارضة في المنفى فرض نفوذها على الارض ووقف الانجراف نحو النزعات الإسلامية المتشددة.
وأحجمت دول غربية عن ارسال أسلحة لمقاتلي المعارضة السورية المنقسمة على نفسها حتى بعد ان امتلكت قوات الاسد زمام المبادرة في الاشهر القليلة الماضية وتعهدت واشنطن وحلفاؤها بمساعدة المعارضة.
ويقول دبلوماسيون في المنطقة إن السعودية تقوم بدور مهم في دعم المعارضة وبدأت تسلم على نطاق محدود أسلحة متطورة لمقاتلي المعارضة وتقوم الولايات المتحدة بدور أكبر من ذي قبل في الإشراف على مثل هذه الشحنات لضمان عدم وقوعها في أيدي إسلاميين، لذا يرى الكثير من المحللين إن هذا الدعم المتواصل يساعد على تهيئة الظروف الملائمة لاستمرار دوامة العنف المتواصلة وبراثن الاقتتال الدموي في إطار حرب لن تكون كما تتمنها الإطراف المتنازعة.فيما رأى بعض المراقبين الدوليين ان ما يسمى بالمعارضة السورية هي معارضة دموية بأجندات طائفية و شراذم تنشر الموت تقود حربا بالوكالة.
وعليه يبدو ان المعارضة السورية المنقسمة تسعى بجهد جهيد لرسم سياسة إستراتيجية جديدة باتفاق على قيادة جديدة في محاولة لتوحيد صفوفها قبل محادثات سلام مزمعة، لكن جميع المؤشرات تضفني بأن هذه المعارضة المتشرذمة تواجه شبح الفشل بعد ان اخفق معارضو النظام السوري في التوصل لاتفاق داخلي رغم الاجتماعات المكثفة في الاونة الاخيرة من اجل توحيد رؤيتهم، حيث أنها تبدو أكثر انقساما وتشرذما في الرؤى مما يعني انها تسير نحو بداية النهاية.
الاسلاميون بسوريا يشعرون بخيبة امل بعد سقوط مرسي
يقول مقاتلون في سياق متصل إسلاميون من المعارضة السورية إن سقوط الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين أثبت أن الدول الغربية التي تدعو إلى الديمقراطية لن تقبلهم ابدا وأكد وجهة نظر المتشددين بأن السيطرة على السلطة عن طريق العنف هو ملاذهم الوحيد.
ورحب الرئيس السوري بشار الاسد بسقوط مرسي باعتباره ضربة رمزية للمعارضة التي يهيمن عليها الإسلاميون لكن من المرجح الا يكون لهذا اثر يذكر على ارض المعركة التي تحقق فيها قواته مكاسب بالفعل وذلك نظرا لدور جماعة الاخوان المسلمين المحدود في القتال الذي طالما طغى عليه دور المتشددين.
وقال بيان لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام جناح القاعدة بالمنطقة في اليوم الذي سقط فيه مرسي "لقد علمت الدولة الاسلامية أن الحق لا يسترد الا بالقوة فاختارت صناديق الذخيرة لا صناديق الاقتراع، "وإن رفع الظلم والتغيير لا يكون الا بالسيف فأصرت على التفاوض في الخنادق لا في الفنادق. فهجرت اضواء المؤتمرات" في إشارة فيما يبدو الى اجتماعات الائتلاف الوطني السوري المعارض المدعومة من الغرب ودول الخليج التي عقدت في اسطنبول.
وأبهجت إطاحة الجيش المصري بمرسي بعد تظاهر الملايين احتجاجا عليه الجماعات المؤيدة للأسد الذي وصف ما حدث بأنه "سقوط ما يسمى الاسلام السياسي"، وكان والده الرئيس الراحل حافظ الاسد أخمد انتفاضة عنيفة لجماعة الاخوان المسلمين السورية في مدينة حماة في الثمانينات وقتل في هذه العملية الألوف وسويت اجزاء من المدينة بالأرض، ومنذ ذلك الحين انتهى وجود الجماعة داخل سوريا تقريبا وباتت حركة تعمل من الخارج.
وقال طارق وهو ناشط مقيم في حلب متحدثا من خلال برنامج سكايب على الانترنت "يبدو أن الجيوش في النظم الديمقراطية تستطيع الإطاحة بالرؤساء الذين تنتخبهم أغلبية؟ هذا مؤشر سيء للثورات"، وسيكون تأثير سقوط الاخوان المسلمين على النشطاء في سوريا نفسيا اكثر منه استراتيجيا. ويقول نشطاء إن فرع الجماعة في سوريا يتعلم بالفعل من أخطاء الحركة الإقليمية وبدأ التفاوض لإقامة علاقة جديدة مع القوى الإقليمية المعارضة للاخوان مثل السعودية.
لكن آخرين يقولون إن مقاتلي المعارضة ربما يتلقون ضربة أقوى من التي يتوقعونها. وقال ناشط طلب عدم نشر اسمه إن هذا يمكن أن يضر بتدفق المال والسلاح من ليبيا وكذلك من مصر حيث أيد الرئيس السابق المنتمي للاخوان الجهاد ضد الاسد في سوريا. بحسب رويترز.
وقال الناشط "مصر كانت معبرا لبعض تلك الإمدادات وبعد أن أصبح الجيش المصري في السلطة الآن فقد يتوقف هذا. وستنشغل بعض الجماعات الإسلامية التي كانت تمدنا بالدعم بشؤونها على الأرجح"، ويقول جوشوا لانديس وهو محلل متخصص في الشأن السوري مقيم بالولايات المتحدة إنه اذا أضعف سقوط مرسي جماعة الاخوان في سوريا فسيحرم المعارضة من القوة المؤسسية المنظمة الوحيدة بها، وأضاف "أيا كان رأينا في جماعة الاخوان المسلمين فقد كانت الجماعة الوحيدة المنظمة التي لها هيكل. اذا ضعفت فلن يتبقى الا هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة الصغيرة على الارض والتي لا تستطيع كسب دعم السوريين السنة من الطبقة المتوسطة"، وقال لانديس المحلل المتخصص في الشأن السوري "الاخوان المسلمون او بالأحرى كل هؤلاء الأشخاص يخرجون من الحسبان باطراد."
ظلال أحداث مصر تخيم على المعارضة السورية
عقالت مصادلى الصعيد نفسه ر في الائتلاف الذي تدعمه دول عربية وغربية إن مصير الاتفاق متوقف على الإخوان المسلمين في سوريا وهم الجماعة المعارضة الأكثر تنظيما والتي تملك الأصوات اللازمة لترجيح كفة أحد المرشحين الرئيسيين.
لكن الجماعة تعاني من أثر الضربة السياسية التي تعرضت لها الجماعة الأم في مصر حيث تدخلت القوات المسلحة للاطاحة بالرئيس الاسلامي محمد مرسي بعد احتجاجات ضخمة بالشوارع، وقال مسؤول في الائتلاف في اسطنبول التي تستضيف اجتماع المعارضة "الأجواء قاتمة. الاخوان المسلمون في مصر وبالتبعية في سوريا وأماكن أخرى تلقوا ضربة لكن حتى معارضيهم يشعرون أن الشرق الاوسط خسر فرصة تاريخية لاقناع الاسلاميين بتبني الديمقراطية"، وقال فاروق طيفور نائب زعيم الاخوان المسلمين في سوريا ان اطاحة الجيش المصري بمرسي "وصمة عار"، وقال ان الثورة المصرية التي ضربت المثل للثورات الأخرى بسلميتها قد دخلت مرحلة سيئة، وقال انس عيروط رجل الدين البارز من مدينة بانياس الساحلية ان الاخوان المسلمين في سوريا مهددون الآن سياسيا. واضاف أنهم عادوا الجماعات الاسلامية الأخرى والآن قد يتحولون إلى بطاقة محروقة بعد هزيمتهم في مصر. بحسب رويترز.
لكنه قال إن الاسلاميين برغم ذلك في موقف أقوى في سوريا لأنهم يهيمنون على صفوف القوات المسلحة المعارضة التي ستتولى السلطة إذا سقط الاسد، وقال عيروط إن السياسات نتاج للسلطة على الأرض وإن السيناريو المصري من الصعب أن يتكرر في سوريا، وقال مصدر داخل الائتلاف "الإخوان يفضلون الصباغ لكنهم عمليون وربما لا يريدون إغضاب السعودية.
المعارضة السورية تتكبد خسائر على الأرض
من جهتهم قال نشطون إن القوات الحكومية السورية المدعومة بمقاتلي جماعة حزب الله اللبنانية قصفت مدينة حمص بلا هوادة، وأوضح النشطاء أن قوات الرئيس بشار الأسد شنت غارات جوية مكثفة ووجهت ضربات بالمدفعية مواصلة هجماتها حول العاصمة ومدينة حمص الاستراتيجية وهو ما دفع مسؤولي الأمم المتحدة لإبداء مخاوفهم بشأن مصير آلاف المدنيين المحاصرين في المدينة الواقعة بوسط البلاد، وفي منطقة بالقرب من دمشق توفي النشط المعروف محمد معاذ متأثرا بجروح أصيب بها في قصف على ضاحية يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.
وكان معاذ واسمه الحقيقي فداء البعلي من أوائل النشطاء الذين صوروا أنفسهم في تسجيلات لإضفاء مزيد من المصداقية على تقاريرهم. وأصيب في السابق خلال تصويره لعمليات للمعارضة حول العاصمة، وأطلق مقاتلون قذائف صاروخية واستخدموا البنادق الآلية من الشقق السكنية المدمرة. بحسب رويترز.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إنها "قلقة للغاية" من الهجوم الذي بدأته قوات الأسد يوم 28 يونيو حزيران، وقال المتحدث باسم المفوضية روبرت كولفيل "يعتقد أن عدد المدنيين المحاصرين حاليا وسط القتال العنيف حول حمص وداخلها يتراوح بين 2500 و4000 شخص"، وأضاف "ندعو جميع الأطراف إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي وتجنب حدوث إصابات في صفوف المدنيين والسماح للمدنيين المحاصرين بالمغادرة دون خوف من عنف أو اضطهاد"، وخارج المدينة أطلقت قوات الأسد النار على بلدة الحصن المجاورة. وتحصن معارضون لشهور في القلعة الكبيرة بالمدينة التي كانت موقعا تراثيا عالميا محفوظا تماما على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ويقول سكان بالقرب من المنطقة إن ميليشيات موالية للأسد أضرمت النار في غابات محيطة بالمدينة أملا في تدمير غطاء محتمل للمقاتلين الذين يسعون للحصول على إمدادات.
وقال السكان إن ميليشيات مؤيدة للأسد ومقاتلي حزب الله يقودون القتال حول حمص الأمر الذي قد يعمق الصراع الطائفي في المنطقة، ويرى كثيرون من أن سقوط حمص سيعطي الأسد السيطرة الفعلية على وسط سوريا، ودمر القتال بالفعل أغلب مناطق حمص وغيرها من المدن التاريخية مثل حلب في شمال البلاد.
المعارضة السورية تجتمع للاتفاق على زعيم جديد
الى ذلك تقول مصادر مطلعة داخل الائتلاف ان القوى الدولية الداعمة له لا تريد تكرار الازمة التي حدثت منذ نحو شهر حين اضطر مسؤولون كبار من تركيا ودول غربية وعربية للتدخل للحيلولة دون انهيار الائتلاف، وذكرت المصادر أن القيادة الجديدة للائتلاف الذي يضم في الأغلب سياسيين يعيشون في المنفى ستحتاج أيضا إلى إظهار قدرتها على تعزيز علاقاتها مع النشطاء ومقاتلي المعارضة داخل سوريا.
واجتمعت شخصيات المعارضة للتوصل إلى اتفاق يرضي الأطراف الثلاثة الرئيسية في الائتلاف وهم جماعة الاخوان المسلمين -أكبر فصيل منظم في المعارضة السياسية - وتكتل مدعوم من السعودية وجناح موال للامين العام للائتلاف مصطفى الصباغ، وتشمل قائمة المرشحين المحتملين لقيادة المعارضة الصباغ وأحمد جربا وهو شخصية قبلية تربطها صلات جيدة بالسعودية، وقالت مصادر في الاجتماع إن من بين المرشحين التوافقيين المحتملين أحمد طعمة الخضر وبرهان غليون وهو أستاذ يعيش في باريس. بحسب رويترز.
وقال مصدر كبير في المعارضة السورية على اتصال بمسؤولين أمريكيين إن واشنطن وضباطا فرنسيين يركزون على دعم وحدات للمعارضة في محافظة حلب على حدود تركيا حيث تساعد صواريخ جديدة مضادة للدبابات على تحويل دفة القتال، وقال المصدر "أعتقد أننا سنسمع أنباء طيبة من حلب قريبا. لا يريد أحد أن يتكرر نقص الامدادات الذي سمح لحزب الله بالاستيلاء على القصير ومهد الطريق أمام الهجوم على حمص".
شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/تموز/2013 - 4/رمضان/1434