لا ترحمون ولا تخلّون رحمة الله تنزل
هاني الفردان
هاني الفردان ... كاتب بحريني
hani.alfardan [at] alwasatnews.com
قرار مجلس الوزراء الأخير عن ضرورة خضوع كافة البعثات الدراسية التي تقدّمها أية جهة غير حكومية لموافقة وزارة التربية والتعليم وللأنظمة المعتمدة، ينصب في اتجاه عدم الرحمة وعدم قبول رحمة الله.
هذا القرار، وما تبعه من إجراء سريع من قبل وزارة التربية والتعليم، يأتي في اتجاه واحد، لا يمكن أبداً التغافل عنه، وهو تضييق الخناق على طلبة طيفٍ واحدٍ أصيلٍ في هذا الوطن، من الحصول على البعثات التي يستحقونها نتيجة تفوقهم، بعد أن ضيّق الخناق عليهم من قبل السلطة في توزيع البعثات.
قلنا من قبل ونعيد التأكيد على أن قرارات عدم «الشفافية» في توزيع البعثات اتخذت في 14 يونيو/ حزيران 2011، أي بعد 14 يوماً فقط من إنهاء حالة السلامة الوطنية، دون معايير ولا ضوابط.
ونشعر بأن القرار الأخير لمجلس الوزراء والذي يسعى إلى «السيطرة» على البعثات الأهلية وتضييق الخناق عليها، ويأتي ضمن إطار عام وشامل مدروس منذ فترة طويلة، هدفه التقليل من فرص ابتعاث أبناء طيفٍ في هذا الوطن لدراسة التخصصات التي تناسب قدراتهم.
بعد لجوء وزارة التربية والتعليم إلى سياستها الجديدة في عدم الشفافية بشأن توزيع البعثات، والتي حرمت الكثير من متفوّقي هذا الوطن من الحصول على البعثات التي يستحقونها لأسباب طائفية وسياسية، نعلمها جيداً، وتسعى الحكومة كالعادة لنفيها في كل مرة، خرجت جهات أهلية حملت على عاتقها مهمة تبني هؤلاء المتفوقين وعدم تحطيم آمالهم، من خلال إيجاد بعثات ومنح دراسية تساعدهم على تحقيق أحلامهم التي أمضوا اثني عشر عاماً يترقبونها، لتتحطم عند أبواب وزارةٍ فقدت روح المسئولية الوطنية والأخلاقية، وعبر لجان فرز طائفية، وأسئلة ميول وقدرات غير مهنية استعرضناها من قبل وتحدينا فيها الوزارة ولم نسمع منها جواباً، سوى الاتهام بالتحريض!
طالبتنا الوزارة في ذلك الوقت بإثبات البينة، وعندما أبدينا استعدادنا بلقاء وزير التربية ليستمع لطالبة شجاعة قررت أن تقول للوزير ما سئلت في لجنة تقييم البعثات من أسئلة سياسية، لم يرد علينا ولم يأتنا الجواب، وصمت الوزارة ووزيرها عن ذلك، لعلمهم ويقينهم بحقيقة الأمور، وعدم قدرتهم على المواجهة.
بعد ذلك نقول لهم، طالبتم بالبينة، وجئناكم بالبينة، ولكن عجزتم عن مواجهة الحقيقة، ولو جئتم الآن سنرفض نحن لقاءكم.
نعلم أن القرار الجديد بإخضاع بعثات الجهات الأهلية لوصاية وزارة التربية والتعليم سيستخدم كالسيف على تلك الجهات التي تؤمن البعثات لمختلف أبناء هذا الوطن، مساهمةً منها في الرقي بالمجتمع، وتحملاً لأعباء هربت منها السلطة.
ويبقى لنا سؤال: أين وزارة التربية والتعليم من القرار رقم (20) لسنة 2011 بشأن ضوابط البعثات الدراسية التي تمنحها الجهات الحكومية؟ هل نفذت الوزارة هذا القرار وما فيه؟
الجواب، بالتأكيد: لا.
لماذا، لا؟ كلنا قراء ونشاهد إعلانات جهات حكومية وعسكرية عن بعثات دراسية، وهي بتلك الإعلانات تخالف القرار الوزاري السابق، الذي نص في مادته الأولى «على جميع وزارات المملكة ومؤسساتها وهيئاتها العامة أن تقوم بتحويل البعثات الدراسية والمنح الدراسية التي تخصصها وذلك إلى وزارة التربية والتعليم، باعتبارها جهة الاختصاص الوحيدة في مملكة البحرين المخولة بالاعتماد النهائي لقائمة المبتعثين وبالإشراف على البعثات الحكومية للطلبة، وإتمام إجراءاتها».
كما نصت المادة الثانية على أنه «لا يجوز لأي وزارة أو مؤسسة أو هيئة عامة الإعلان مباشرة عن بعثات للطلبة أو القيام بأي إجراءات تتعلق بهذا الجانب، اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار». صدر القرار في 19 أبريل/ نيسان 2011، مع ملاحظة أن المادة والقرار لم يوجد أي استثناء لأي جهة حكومية سواء كانت مدنية أو عسكرية.
إلى وزارة التربية والتعليم، كيف سُمح لجهات ومؤسسات حكومية عامة بالإعلان عن بعثات دراسية في عدة تخصصات، مخالفة بذلك نص القرار السابق؟
متى ستعلن وزارة التربية والتعليم عن البعثات التي تمنحها تلك الجهات في الدولة؟ ومن حصل عليها، لنقدر حقيقة مثل هذه القرارات؟ ولكي لا نطعن في صدقيتها عندما نجدها تطبق فقط على فئات، ويتم التجاهل عن فئات أخرى.
قبل تضييق الخناق على المؤسسات الأهلية وغير الحكومية وملاحقة بعثاتها التي تقدمها لأبناء هذا الوطن وهي ليست من أموال الدولة، كان من الأجدر بالحكومة، أن تطبّق قرارها السابق، وتدخل حيز التنفيذ، بدلاً من تعطيله عامين، ومراقبة أموال الدولة ومعايير توزيع البعثات فيها، خصوصاً أن طيفاً أصيلاً في هذا البلد أيضاً يشكو من التمييز في توزيع تلك البعثات.
فمتى ستعلن وزارة التربية والتعليم بكل شفافية عن توزيع البعثات والمنح الدراسية التي تقدّمها جهات حكومية، على غرار ما تريد فعله مع الجهات الأهلية؟ نترقب الإعلان لنعرف لمن ذهبت كل تلك البعثات.
هاني الفردان
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3962 - السبت 13 يوليو 2013م الموافق 04 رمضان 1434هـ