لكل الأزواج... اختلفوا ولكن أحبُّوا بعضكم
حسن المدحوب
إذا كان الحب بين الزوجين هو سُكّر الحياة، فإن ملحها هو الاختلاف، ونحن في حياتنا، لا غنى لنا لا عن السكر ولا عن الملح، ولكن لكل منهما وقته واستخداماته وحاجاته. والعاقل منا هو من يدير مقادير السكر والملح في حياته بحيث لا تزيد فتؤذي، ولا تقل فتؤدي إلى الندم. من حق كل زوجين وحبيبين أن يختلفا، تلك هي سنة الحياة وطبيعتها، ولكن ليس من حقّ أحدهما أن يكره الآخر بسبب هذا الاختلاف أو أن يترجم هذا الاختلاف إلى سلوك باغض، لأن ذلك يعني أن الطرفين لم يكونا يحبان بعضهما البعض بشكل صادق أصلاً. فالحب الحقيقي هو الذي تستمر محبتك فيه لشريك حياتك دون توقف مهما اختلفت وجهات نظركما وآراؤكما، مع التأكيد على مشروعية التعبير عن هذا الاختلاف بثقافة من الحب لا الكره.
مشكلتنا كثيراً، أننا عندما نحب شخصاً نريد أن نملكه بكل ما فيه ونجعله نسخة ثانية من ذواتنا وأذواقنا وأفكارنا وتصرفاتنا وحتى عقدنا ومشاكلنا النفسية، وهذا الأمر يحمل من الأنانية الكثير، وهي مشكلة ذات اتجاهين، أي أنها موجودة لدى الزوج كما هي موجودة لدى الزوجة أيضاً، ولكنها تظهر أكثر كنزعة عملية لدى الطرف الأقوى منهما، سواءً كان الأول أو الثانية.
ولذلك ينبغي أن نتذكر أن الرجل والمرأة كائنان مختلفان عن بعضهما البعض في المشاعر والأحاسيس والرقة، وفي طريقة تفكيرهما أيضاً، إذاً لابد من الإيمان بأن أصل الاختلاف بين الزوجين حاصل تكوينياً بين الطرفين، وعلى الاثنين معاً أن يناضلا منذ البداية لإيجاد لغة حب مشتركة بينهما تقوم على تقديم تنازلات متبادلة، تؤمن أن الحب أولاًَ وثانياً وثالثاً هو اللغة التي يجب الركون إليها للبناء على أي اختلاف يمكن أن يحدث في أي محطة من حياتهما.
قد يكون أغلبنا يعرف الكثير عن ثقافة الاختلاف بين الزوجين، ولكن القليل منا هو من يطبّقها إذا حدث هذا الاختلاف فعلاً. أحياناً هناك من يقدّم الدروس والمواعظ للآخرين بشأن ثقافة الاختلاف بين الزوجين، وسلوكه العملي يناقض كل ذلك 100 في المئة، تماماً كما قد يسكت أحدنا عندما يتحدث الطرف الآخر، ولكن لا لكي يسمعه، بل لكي ينتظر دوره في الكلام فقط، هذا التناقض موجود لدى الكثيرين منا، وعلينا أن نلتفت لذلك جميعاً ونصحّحه.
علينا جميعاً أن نفتح قلوبنا وليس آذاننا فقط لمن نحبهم لسماعهم، وعلينا أن نكون ماهرين في ثقافة التغافل عن بعض الأخطاء، حتى نعطي الأخطاء حجمها، فليس كل خطأ يستحق أن نختلف بسببه.
من يحب لا يكره، ومن يكره لم يكن يحب أصلاً، جميعنا كأزواج علينا أن نتعلّم كيف أحبها كما هي بنواقصها، وتحبني كما أنا بنواقصي، مع عدم اليأس من الطرف الآخر على إصلاح نواقصه وأخطائه بالحب والمودة والعشرة الطيبة التي يحتاجها كل بيت. وعلى كل زوج وزوجة أن يعيا أننا نكمل بعضنا البعض باختلافنا، وما أجمل الصورة عندما تكون مكتملةً من هذا وتلك، وبألوان شتى.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 5023 - الأربعاء 08 يونيو 2016م