بكائيات على اللغة العربية
الأحد : 09/06/2013
الكاتب : د. عثمان بن محمود الصيني
عدد القراء : 559
حفل الشهر الماضي بملتقيات ومؤتمرات مهمة عن اللغة العربية, تجاوزت المرحلة الاحتفالية التي تحدثتُ عنها قبل أشهر عن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية. ومن الفعاليات التي أقيمت: الملتقى التنسيقي للجامعات والمؤسسات المعنية باللغة العربية في دول مجلس التعاون الخليجي الذي نظمه مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية في الرياض، وكذلك مؤتمر (اللغة العربية في خطر.. كلنا شركاء في حمايتها)، الذي نظمه المجلس الدولي للغة العربية في دبي، بالإضافة إلى جهود الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية في المغرب, الذي ذكر من ضمن اهتماماته وضع مشروع قانون حماية اللغة العربية.
وقد شارك في هذه المؤتمرات والملتقيات نخبة من المهتمين باللغة العربية من وزراء سابقين وحاليين للثقافة ورؤساء منظمات وأعضاء المجامع اللغوية والعلمية وأساتذة جامعات وعلماء لغة ومهتمين باللغة العربية من كتاب ومؤلفين وإعلاميين شاركوا بأوراق عمل ومناقشات ومداخلات وندوات مختلفة.
ما يغلب على الطروحات والآراء في هذه الملتقيات وغيرها أنها كالعادة لا تخرج عن الاتجاهات الثلاثة التقليدية: فهناك من يرى أن اللغة بخير، وأن الله عز وجل تكفل بحفظها، وأن جهود المجامع العلمية والجامعات كافية ومنجزاتها واضحة, وأن التباكي على اللغة نوع من التشاؤم والتغريب. وفريق آخر يرى أن اللغة تتآكل حقيقة لا مجازاً، وأن المجامع حصرت نفسها في المصطلحات وانعزلت في نطاقات معينة، وأن اللغة العربية لم تكن في يوم من الأيام بحال أصعب مما هي عليه في يوم الناس هذا. وفريق توفيقي يرى أن لغتنا بخير، ولا خوف عليها؛ ولكن هذا لا يمنع من أن نبذل جهداً أكبر للحفاظ عليها وتطويرها ونشرها.
غير أن الغريب في الأمر هو أن عدداً من الوزراء ورؤساء المنظمات ورؤساء الجامعات السابقين والحاليين يرجعون الأزمة إلى عدم وجود قرار سياسي بذلك وكأنهم لم يكونوا ضمن دائرة أصحاب القرار.
إن الأمر المهم هو أن نخرج عن الطوباوية والمثالية الحالمة والخطابات الإنشائية الحماسية، وننظر إلى لغتنا بصورة أكثر عملية وموضوعية، وننقلها من النطاق الأكاديمي الصرف لتكون شأناً مجتمعياً. وأن نخرج من الندوات والمحاضرات وورش العمل المكرورة المملة والبحوث وأوراق العمل السطحية أو الشكلية التي لا تقدم جديداً ولا تحقق فائدة؛ إلى مشروعات طموحة وواضحة ومبادرات من الحكومات أو الهيئات العلمية لها قيمتها العلمية ونتاجها العملي, وليست مجرد بهرجة إعلامية وفرقعة تنتهي بانفضاض السامر.