موسيقى مارسيل: إطلالة على المشهد العربي، بوجعه وفرحه
تاريخ النشر : 2013-07-01
موسيقى مارسيل: إطلالة على المشهد العربي، بوجعه وفرحه
أنور حامد / بي سي- لندن
"بغيبتك نزل الشتي قومي اطلعي عالبال"، بهذه القصيدة لطلال حيدر بدأ الفنان اللبناني مارسيل خليفة أمسيته اللندنية في مركز "باربيكان" الثقافي، وختمها بـ"يا بحرية هيلا هيلا"، وحشر بينهما بقية عناصر المشهد العربي بكل تجلياته: الشجن، الحب، الموت، الفرح، المقاومة، الغزل.
غنى أغاني السبعينات والثمانينات" "أمي" "ريتا" و "مرفوع القامة أمشي" وحتى أغنية "عصفور طل من الشباك" التي غنتها أميمة خليل عندما كانت طفلة، لتؤديها مساء أمس بصوت مكتمل النضوج.
مضت عقود منذ انطلقت تلك الأغاني، وتحول الجمر الذي كانت تستمد نارها منه إلى رماد، لكنها لم تفقد زخمها، فما السر؟
"الأغنية السياسية" تكون مرتبطة بمناخ محدد، فأغاني اليوناني ميكيس ثيودوراكيس الجميلة لم يعد يغنيها بعد انتهاء عصر الديكتاتورية في اليونان، وبوب ديلان، وجون بايز غنوا أغان لها طابع خاص مرتبطة بثورة الشباب والاغتراب عن المجتمع الرأسمالي بذهنيته وأخلاقياته، لكن تلك الأغاني، وإن بقيت محبوبة من بعض فئات المستمعين، إلا أن هذا مرتبط بالنوستالجيا أكثر من ارتباطه بتفاعل آني.
وحتى أغاني عبدالحليم حافظ الوطنية مثلا، لم تعد متداولة، لأن الواقع الذي تعبر عنه لم يعد موجودا، وإن كان ميدان التحرير أعاد لها مجدها مؤقتا فهذا كان تعبيرا عن أن الفن الموسيقي لم يواكب الثورات العربية التي ربما فاجأت الفنانين بعفوية انفجارها.
مارسيل خليفة لم يستسغ تعبير "الأغنية السياسية"، فقال إن السياسة التي يغنيها ليست بالمفهوم الضيق المتعارف عليه، بل هي مرتبطة بعواطف ومشاعر إنسانية أعمق وأشمل من الأيديولوجيا والقضايا السياسية المحددة.
"في أي خانة تصنف أغنية "أمي" او أغنية "ريتا" ؟ مثلا، تساءل الفنان، ثم عاد ليؤكد على أن أغانيه تستشعر النبض الإنساني، لا السياسي المرتبط بمرحلة معينة، واستشهد على ذلك بتفاعل الجمهور في أمسية الأمس، وجزء كبير منه ولد بعد انطلاق تلك الأغاني بفترة، كما قال.
العلاقة مع محمود درويش
كان الجميع يأخذ العلاقة بين مارسيل خليفة ومحمود درويش مسلما بها، ولم يسأل الكثيرون عن سرها وماذا تعني للطرفين، لكن كان لا بد من السؤال، خاصة وأن محمود درويش رحل وما زال الفنان يستلهم من قصائده اعمالا جديدة.
لم تكن الإجابة بالرومانسية التي قد يتوقعها البعض، فمارسيل خليفة دخل إلى عالم محمود درويش الشعري صدفة، كما قال، حيث وجد أحد دوواينه الشعرية في مكتبة منزله صدفة، مباشرة بعد تخرجه من معهد الموسيقى، وأعجب بالأشعار فبدأ يغنيها، ولم يتوقف حتى الآن.
الموسيقى والثورات
سألت مارسيل عن غياب الموسيقى بشكل ملحوظ عن مسارات الحراك الثوري الأخير في الدول العربية، فلم تفرز أي من الثورات العربية فنانها وفنها بعد، وكل ما سمعناه أو شاهدناه كان عبارة عن تجليات عفوية اثناء المظاهرات، وجدت طريقها الى يوتيوب لاحقا.
مارسيل قال انه شخصيا لا يغني لحدث حتى لو كان ثورة، بل هو يغني لقضية الإنسان في كل زمان ومكان، للحب، للأمل ، للتحرر، للفقراء.
ولفت انتباهي إلى أنه، وبرغم ارتباط أغانيه بفلسطين، إلا أنه لم يذكر كلمة "فلسطين" في أغانيه بشكل مباشر.
أمسية مارسيل خليفة جاءت ضمن فعاليات مهرجان شباك الثقافي في لندن، والذي يستمر حت 6 يوليو/تموز، وإذا كانت تسمية المهرجان توحي بفلسفته: أن يكون نافذة للإطلال على الثقافة العربية، فإن موسيقى مارسيل خليفة فتحت أكثر من نافذة على المشهد، بكل تناقضاته.