لخذلان في أداء وزير حقوق الإنسان
قاسم حسين
قاسم حسين ... كاتب بحريني
Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com
تصغير الخطتكبير الخط
كنا ننتقد صلاح علي منذ أن كان نائباً عن المنبر الإسلامي (الإخوان المسلمين)، ثم بعد تعيينه شورياً، ثم وزيراً... وذلك انتقاداً لمواقفه السياسية «اليمينية» التي لا تنسجم مع المصلحة العليا لغالبية الشعب.
اليوم، وبعد عامين من تعيينه وزيراً لحقوق الإنسان، بدأ يتلقى الانتقادات من كلّ حدبٍ وصوبٍ، ليس من المعارضة فحسب، بل حتّى من جمعيته الدينية/ السياسية، ومن الشخصيات اليمينية وجمعيات الموالاة. فهناك ما يشبه الإجماع العام على فشله التام في المهمة التي أوكلت إليه، وهي تبييض ملف البحرين في حقوق الإنسان.
الوزير ذهب إلى جنيف مؤخراً مع وفد كبير «على نفقة الدولة»، والله أعلم كم كلّف الموازنة العامة، من أجل إقناع العالم بعدم حصول أية تجاوزات أو انتهاكات أو عمليات قتل، وليثبت عدم وجود سجناء رأي بينما هناك أكثر من ألفي سجين سياسي في مختلف المعتقلات والإصلاحيات. لقد كانت خطته تقوم على إغراق وسائل الإعلام بالأخبار اليومية، ليبدو أنه ينجز شيئاً كبيراً، لكن تكشّفت الأمور عن فشل ذريع. كانت الخطة كلها مجرد «بروباغندا»، سرعان ما فرقعت مثل البالونات.
الوزير ذهب إلى جنيف ولديه مجموعةٌ من السيديات والمطبوعات، كما يحدث في أي مؤتمر لجمعية دينية، ليوزّعها على وفود الدول، ليقتنعوا برأيه ويغيّروا مواقفهم وقناعاتهم ومبادئهم الحقوقية. ولكن يبدو أن هذه الطريقة الفنتازية الساذجة أثارت حفيظتهم، فاتخذوا موقفاً جماعياً، ووقّعوا على بيان مشترك يطالب البحرين بالالتزام بتعهداتها الدولية، وعدم المماطلة أكثر في إيجاد «حل سياسي ذي مغزى»، وإطلاق سراح السجناء دون تسويف أو لفّ ودوران!
حتى الأخبار التي سرّبها الوفد المرافق للوزير، والتصريحات التي نسبها للمندوبة الأميركية في جنيف، ونشرتها بعض الصحف كمانشيتات للتغطية على الفشل الحقوقي، تبين أنها غير صحيحة ومفبركة. وقد أصدرت السفيرة المعنية تكذيباً للخبر، وأنها التقت الوفد بناءً على طلبه، واستمعت إليه، لكنها أكّدت على موقفها وانتقاداتها للسلطات في البحرين. والسؤال: كيف تجرأ الوفد على تحريف كلام سفيرة دولة كبرى؟ وهل كان الوفد يظنّ أن الدول الغربية ستغمض عينيها عن تزوير أقوال مندوبيها في هيئة الأمم؟
في اليومين السابقين بدأت تنتشر تسريباتٌ بأن الأداء الضعيف والسلبي للوزير وضعه قيد المراجعة والتقييم سياسياً، إلى درجة ذهاب البعض إلى مناقشة أهليته لمثل هذا المنصب من الأساس، وكيف تم تعيينه أصلاً في ميدان لا يفقه عنه شيئاً. هذه النقاشات كانت تدور من منتصف العام الماضي (2012) على موقع «التويتر»، بين جمهور جمعيات الموالاة، أما اليوم فأصبحت متداولة حتى بين الوزارات.
الوزير كان يتعرّض لانتقادات دائمة من قبل قوى المعارضة، بسبب مواقفه السياسية التي كثيراً ما تصطدم بمعايير ومفاهيم حقوق الإنسان. اليوم، وبعد بعد فشل الوزير في مهمته، يبدو أن المستفيد الأكبر من وجوده في هذا المنصب، كانت المعارضة نفسها، فقد حقّق فريقه للمعارضة كثيراً ممّا كانت تتمناه، ونجح في إعادة ملف حقوق الإنسان في البحرين إلى طاولة النقاشات الساخنة، واستثار مزيداً من الدول ودفعها لأخذ مواقف أكثر جديةً وتشدّداً من الحكم في البحرين.
قاسم حسين
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4024 - الجمعة 13 سبتمبر 2013م الموافق 08 ذي القعدة 1434هـ